آخر الأخبار


بعد انتهاء الإعفاء الأمريكي.. شمس العراق بديل الغاز الإيراني

  • A+
  • A-

 الديرة - الرمادي 


مع انتهاء الاستثناء الأمريكي الذي كان يسمح للعراق باستيراد الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، تتجه أنظار الحكومة العراقية نحو الطاقة الشمسية كحل أمثل لمواجهة أزمة طاقة محتملة قد تضرب البلاد مع اقتراب فصل الصيف.


في الثامن من آذار الجاري، أنهت واشنطن الإعفاءات التي كانت تسمح للعراق بشراء الكهرباء من إيران، في إطار سياسة "الضغوط القصوى" التي تنتهجها إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد طهران.


وفي ظل هذا الواقع الجديد، يواجه العراق الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز الإيراني، تحدياً صعباً خصوصاً أن إيران تزود العراق بحوالي 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، بما يغطي ثلث احتياجات البلاد، ويكفي لإنتاج نحو 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء.


ووفقاً لخبير الطاقة كوفند شيرواني، فإن أزمة الكهرباء مستفحلة في ظل وجود عجز يصل إلى 26 ألف ميغاواط، وهذا العجز سيزداد بعد قطع إمدادات الغاز الطبيعي والكهرباء من إيران ليصل إلى حدود 36 ألف ميغاواط، وهي نسبة تمثل 70% من الحاجة الحالية للبلاد.


وفي خطوة استباقية، بحث رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع وزير الكهرباء والفريق الوطني للحلول الذكية والطاقة المتجددة، الجوانب الفنية وآليات تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية.


ويبدو أن الحكومة العراقية جادة هذه المرة في استثمار الطاقة الشمسية، إذ وقعت الهيئة الوطنية للاستثمار في تموز الماضي اتفاقية مع شركة "توتال انيرجي" الفرنسية لإنشاء محطة كهرباء بالطاقة الشمسية بسعة 1000 ميغاواط في محافظة البصرة، كأول فرصة استثمارية ضمن خطة الحكومة للتنوع في مصادر الطاقة المتجددة.


بينما يرى خبراء الطاقة أن العراق بحاجة إلى إنشاء 5 أو 6 محطات من هذا النوع في مناطق مختلفة، خاصة أن البلاد تتمتع بمناخ مثالي يساعد على إنتاج الطاقة الشمسية، إذ تشهد نحو 300 يوم مشمس من أصل 365 يوماً في السنة.


ويؤكد خبير الطاقة شيرواني أن التخصيصات المالية الموجودة في وزارة الكهرباء تكفي في كل عام لإنشاء محطتين إلى ثلاث محطات، بقدرة 1000 ميغاواط للمحطة الواحدة، وبكلفة لا تتجاوز 800 مليون دولار، ما يعني أن خمس سنوات من العمل كافية لحل جزء كبير من العجز الموجود.


لكن خبير النفط والطاقة حمزة الجواهري يشير إلى أن الطاقة الشمسية لن تكون بديلاً كاملاً عن المحطات الكهربائية الغازية، كونها تعمل في النهار فقط، وفي الليل تحتاج إلى بطاريات للخزن والتشغيل، الأمر الذي يجعل التشغيل الليلي غير مجدٍ اقتصادياً لأن كلفة الخزن أكبر من توفير الطاقة من مصادر أخرى كالغاز.


ويلفت الجواهري إلى أن العالم حتى الآن لم يصل إلى نسبة 5% من استخدام الطاقة النظيفة من مجمل الطاقة المنتجة عالمياً، إذ ما زال الجزء الأعظم من محطات الطاقة يعمل بالوقود الأحفوري.


ورغم هذه التحديات، يقترح الخبراء استغلال الطاقة الشمسية في العراق للقطاع الزراعي والصناعي وإمداد المؤسسات الرسمية، لأن أوقات العمل في هذه القطاعات تكون في النهار، ما يجعل توفير الطاقة النظيفة خلال ساعات النهار أمراً مجدياً اقتصادياً ويخفف الضغط عن الشبكة الوطنية.


كما يقترح الباحث الاقتصادي همام الشماع، قيام الدولة بتوفير الألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم بأسعار مناسبة وبأقساط مريحة من خلال قروض للبنك المركزي تمنح للطبقة المتوسطة.


ويشير الشماع إلى أن هذه الخطوة لو تمت ستوفر جزءاً من الطاقة لشريحة لا بأس بها من الموظفين، إذ أن كل بيت يحتاج إلى قرض بقيمة 10 ملايين دينار تقريباً، أي أن تريليون دينار سيوفر الطاقة لحوالي 10 آلاف منزل، وهذه المساكن سوف تستغني عن الكهرباء الوطنية خصوصاً في النهار.


وبينما أعلن وزير الكهرباء زياد علي فاضل، في شباط الماضي، عن تأهيل 8 شركات متخصصة في مجال الطاقة الشمسية ضمن المرحلة الأولى من مبادرة البنك المركزي العراقي، يبقى السؤال: هل ستنجح الحكومة العراقية في استثمار الطاقة الشمسية كحل مستدام لأزمة الكهرباء المزمنة، أم أن البلاد ستظل تعاني من انقطاع التيار الكهربائي لسنوات قادمة؟