الديرة - الرمادي
في تطور مثير قد يعيد تشكيل المشهد السياسي العراقي بأكمله، برأ القضاء العراقي أمس رئيس حزب تقدم، الرئيس محمد الحلبوسي من جميع التهم المنسوبة إليه، وقد صادقت محكمة التمييز الاتحادية على قرار البراءة ما أكسبه الدرجة القطعية.
وفي تعليقه على هذا التطور الكبير، قال الباحث في الشأن السياسي مخلد حازم: "بالتأكيد نبارك للسيد الحلبوسي براءته من التهم الموجه له، ونحن دائما ما كنا نتكلم منذ إقصاء الحلبوسي من رئاسة البرلمان وقلنا إن المحكمة الاتحادية هي غير مختصة بإصدار قرارات جزائية بحق أي متهم".
وأضاف حازم: "محاكم الموضوع هي المختصة في أن تتعامل مع المبارز والبراهين والتعامل مع الأدلة الموضحة أمامها في أوراق رسمية، وبالتالي هي من تصدر القرار في الإدانة أو الإعفاء، ومحاكم الموضوع، ابتداء من محكمة التحقيق إلى محكمة الجنايات، رأت أنه لا توجد أدلة كافية لاستكمال هذه القضايا، سواء في قضية التلاعب بالأوراق أو قضية شركة الجي بي آر، وهذه القضايا غير مكتملة الأركان من الناحية القانونية".
وتابع: "فبالتالي هي أعطت قرارها ببراءة السيد الحلبوسي ورفعت هذه القضية إلى محاكم التمييز، ومن ثم محاكم التمييز هي لجان مشتركة من أكثر من سبعة قضاة، وبالتالي اتخذت قرارها بالمصادقة على قرار محكمة الجنايات، وهذا يعد نهاية لهذه القضايا، ولا يمكن الطعن إلا إذا استحدثت قضايا جديدة في خصوص الموضوع".
وأشاد حازم بالقضاء العراقي قائلا: "حقيقة هذا الذي كنا نتمناه من القضاء، كونه دائما يعد الحامي والساند وآخر حصون الديمقراطية في العراق، حقيقة هذا هو نهاية المطاف بالنسبة للشكاوى المرفوعة ضد الرئيس الحلبوسي، وبالتالي اليوم لا توجد أي معوقات من استمراره بالترشيح للانتخابات المقبلة".
تداعيات قانونية جسيمة
من جهته أكد الإعلامي ستيڤن نبيل، أن "إعلان حزب تقدم عن براءة زعيمه محمد الحلبوسي من التهم الموجهة إليه سابقا، يضعنا أمام موسم انتخابي ملتهب".
وفي السياق ذاته قال الناشط السياسي أنمار آل عمر، إن "قرار القضاء العراقي ببراءة رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي من التهم الموجهة إليه سابقا، ومصادقته من محكمة التمييز الاتحادية واكتساب الدرجة القطعية، يضع قرار المحكمة الاتحادية العليا في خبر كان، بل وبإمكان الحلبوسي أساسا أن يطلب بإلغائه متى شاء كرد اعتبار!".
من جهته، قال الخبير القانوني جمال الأسدي "هناك مبدأ (لا أثر لباطل) يعني أن القرارات التي تأسست على تهم باطلة أو تهم سقطت يجب أن تلغى، فبموجب القانون العراقي وأغلب النظم القضائية، متى ما كان القرار الصادر من جهة غير مختصة (مثل إسقاط العضوية) مبنيا على وقائع قانونية ليست من اختصاصها الحكم بها وثبت لاحقا بطلانها أو عدم صحتها، يحق للمتضرر الطعن به والمطالبة بإعادة الوضع إلى ما كان عليه".
وأوضح الأسدي بالمختصر العملي: "نعم، من المفترض أن إسقاط التهم أو انعدام صحتها يبطل أو يلغي قرار الإقالة الذي صدر أساسا استنادا إلى تلك التهم، ويمكن المطالبة بالآتي: إعادة العضوية للسيد الحلبوسي إلى البرلمان (إذا كان ذلك ممكنا إجرائيا)، أو المطالبة بـ تعويض قانوني عن الضرر الناتج عن الإقالة الباطلة إذا تعذر إعادة العضوية بسبب انتهاء الدورة البرلمانية أو غيرها من الأسباب."
مستقبل واعد للرئيس
وكتب الشاعر والإعلامي البارز علي وجيه: "يوم حاولت القوى الأخرى تقويض حجم الحلبوسي، كتبت في مجموعة فيها أغلب رؤوس الدولة العراقية 'المادة لا تفنى ولا تستحدث، وسوف يعود أقوى'، سخر البعض، وعارض آخرون، واتفق سواهم، وبقيت أراقب، وكان أخطر ما منحه من حاول تحجيم الحلبوسي، هو إراحته من رئاسة المجلس".
وأكد وجيه في تدوينة على منصة "أكس"، أن "الحلبوسي استقر بين الكنبة الفلوجيّة وبيت الخضراء، ابن الداخل والقطّاع الخاص، المقاول وابن الجيل الثالث، الذي ما زال زعيم "تقدّم"، وقال لهم بطريقة ما: تضيّقون عليّ ببغداد، طيّب، انظروا الهوامش من المحافظات، فصبغ ديالى، الأنبار، كركوك، بالبرتقالي، ونافس على الأخريات".
ووصف وجيه الحلبوسي بأنه "ليس طائفيا، ثم أنه من أبناء الداخل، نعم هو الإبهام الذي يضغط على إيقونة من الآيفون لترتجف الأخريات، لكنه ابن الجيل الثالث، الواقعي، غير المصبوغ بالزيتوني، ولا بالدعشنة، صديق الجميع، وغير التابع لهم، ومشروع نجاحه يشبه العيداني، السوداني، وغيرهم والذي يتمثل بـ"التنظيم والخدمة للمدن".
وعن إمكانية عودة الحلبوسي لرئاسة مجلس النواب، علق عضو حزب تقدم عبد العزيز المعماري قائلا: "يحق له أن رغب العودة".
ويعتقد مراقبون ان البراءة القضائية القطعية التي انتزعها الرئيس محمد الحلبوسي برهنت أنه كان على صواب اختياره للنهج القانوني طريقا وحيدا للدفاع عن شرعيته ومكانته الوطنية، فبثبات القائد وإيمان راسخ بعدالة قضيته، واجه الحلبوسي محاولات الإقصاء بالتقاضي، حتى جاء حكم القضاء العراقي النزيه ليؤكد براءته ويكرّس مكانته كأحد أبرز رجالات الدولة، فيما يقف المشهد السياسي اليوم أمام مرحلة جديدة قد يعاد من خلالها رسم موازين القوى بذكاء الرئيس الحلبوسي وحكمته، مدعوما بثقة جماهيرية متجددة واستحقاق وطني لا جدال فيه، ومع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية ستكون عودته إلى الواجهة السياسية أكثر قوة وتأثيرا من أي وقت مضى.