الديرة - الرمادي
كشفت دراسة استقصائية دولية حديثة صادرة عن شركة "ميرسر" المتخصصة في استشارات الموارد البشرية أن العاصمة العراقية بغداد قد تصدرت قائمة أسوأ العواصم العالمية من حيث جودة المعيشة.
وبحسب التقرير السنوي الذي تعده الشركة، والذي يعد الأكبر من نوعه على مستوى العالم، فقد شملت الدراسة هذا العام تحليلاً شاملاً لنحو 450 مدينة حول العالم، حيث اعتمدت معايير متعددة في التقييم تضمنت البيئة السياسية والاجتماعية، والاستقرار الاقتصادي، وجودة الخدمات الصحية والتعليمية، وفرص السكن، إضافة إلى عوامل أخرى تحدد مدى ملاءمة المدينة للعيش.
وأرجع التقرير هذا التصنيف إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها بغداد، وعلى رأسها تداعيات الحروب المتعاقبة التي ألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية للمدينة، فضلاً عن غياب الاستقرار الأمني المستمر الذي يقف عائقاً أمام تحسين الظروف المعيشية للسكان.
وعلى الرغم من الصورة السلبية التي يرسمها التقرير، إلا أن بغداد لا تزال تحتفظ بإرث حضاري وثقافي فريد، يجعل منها وجهة جديرة بالاستكشاف لمحبي الرحلات غير التقليدية.
وقد أشار التقرير إلى أن الوصول إلى بغداد بات أكثر سهولة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يرتبط مطارها الدولي بمراكز إقليمية رئيسية في الشرق الأوسط مثل دبي وإسطنبول، مما يتيح فرصة أكبر للزوار المهتمين بالتجارب الثقافية الغنية.
وتزخر المدينة القديمة بالعديد من المعالم التاريخية والدينية البارزة، من أبرزها "المدرسة المستنصرية" التي تأسست في القرن الثالث عشر الميلادي، والتي كانت تمثل منارة علمية في العصر الإسلامي الذهبي. وتقع هذه المدرسة على ضفاف نهر دجلة، وتمثل نموذجاً معمارياً إسلامياً كلاسيكياً نادراً.
كما يشكل "ضريح عبد القادر الجيلاني"، مؤسس الطريقة القادرية الصوفية، أحد أهم المعالم الدينية التي تستقطب الزوار، ويضم مجمعاً يشتمل على مسجد ومكتبات وقبة أثرية يرجع تاريخها إلى القرن السادس عشر، ويوفر ملاذاً هادئاً وسط صخب المدينة.
ومع ذلك، تنصح الجهات المعنية المسافرين المحتملين بمراجعة تحذيرات السفر الرسمية قبل التوجه إلى بغداد، حيث تحذر وزارة الخارجية البريطانية في الوقت الراهن من السفر إلى المدينة إلا في حالات الضرورة القصوى، نظراً للمخاطر الأمنية القائمة.
وهكذا تبقى بغداد مدينة التناقضات الصارخة، فمن جهة، يعكس تصنيفها كأسوأ عاصمة للعيش واقعاً معيشياً صعباً، ومن جهة أخرى، يجعلها تاريخها العريق وموروثها الثقافي شاهداً على حضارة إنسانية عريقة تستحق أن تروى قصصها.