الديرة - الرمادي
في مكتب قائممقام قضاء حديثة، جلس شاب بعينين تلمعان بالأمل، أمام مسؤول إداري يتأمل رسومات تقنية وصوراً لهيكل سيارة غريبة الشكل، لكنها تحمل بين أجزائها فكرة كبيرة.
ذلك الشاب هو أسعد معيوف عبد الحياني، موظف في شركة نفط الشمال / ك٣، لكنه في الحقيقة ليس موظفاً عادياً. بين يديه كانت تقف ثمرة سنوات من العمل الفردي، والتجريب المستمر، والتفكير المتقدم: سيارة كهربائية تعمل بالطاقة القابلة للشحن، مصنوعة بالكامل من مواد معاد تدويرها.
استقبله قائممقام حديثة، عباس حسين الجغيفي، وراح يصغي بإعجاب لمشروع ليس الأول من نوعه بالنسبة لأسعد، لكنه النسخة الأكثر نضجًا. فقد طوّر الشاب نموذجًا أوليًا سابقًا، وجاء اليوم بنسخة ثانية محسّنة: تصميم أكثر احترافية، أداء أعلى، ومعايير أمان أفضل… حلمٌ يقترب أكثر من أن يكون واقعًا: سيارة عراقية صديقة للبيئة.
جلس المسؤول المحلي مصغياً، يقلب الصور، يتابع مراحل العمل، مُعجباً بما أنجزه شاب بجهود فردية، خارج أي إطار أكاديمي أو صناعي. ولم يخفِ إعجابه، بل قالها صراحة:
“هذا الإنجاز لا يمثل فقط إبداعاً شخصياً، بل يعكس الإمكانيات الكبيرة لشبابنا في مجال الهندسة والتكنولوجيا. علينا جميعاً دعم هذه المبادرات التي تتماشى مع التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة.”
ولم يكتفِ الجغيفي بالكلام، بل أوعز بإعداد دراسة جدوى اقتصادية للمشروع، تمهيداً لإمكانية تطويره لاحقاً على نطاق أوسع، في مبادرة قد تفتح الباب أمام أول سيارة كهربائية عراقية الإنتاج.
وفي ختام اللقاء، سلّم القائممقام شهادة تقديرية للمبتكر الشاب، الذي وقف مبتسمًا، ممتنًا، ومتحمسًا لمستقبل لم يعد مستحيلاً.
لكن أسعد لم يبدأ اليوم، ولن يتوقف غدًا. فابتكاراته السابقة تشمل:
• مروحة هوائية لتوليد الكهرباء
• رافعة كهربائية متعددة الاستخدامات
• طاولة شمسية متنقلة
• روبوت ذكي لتحرّي أعطال مجاري القابلوات
وحاليًا، يضع لمساته الأخيرة على مشروعه التالي: رافعة شوكية تعمل بالبطاريات.
خرج أسعد من مبنى القائممقام مرفوع الرأس، يحمل بين ذراعيه دعمًا رسميًا، وفي عقله أفكارًا لا تهدأ، وفي يديه نموذجاً لحلمٍ أخضر.. سيارة وُلدت من الخيال، وغذّتها إرادة لا تعرف التوقف.