الديرة - الرمادي
منذ أن أُقرّ قانون “سامراء عاصمة العراق للحضارة الإسلامية” عام 2018، لم تشهد المدينة سوى الخيبات، والمشاريع المتلكئة، والوعود المؤجلة، رغم ما قُدم باسمها من خطط لإحياء تراثها العباسي العريق.
وبينما ينتظر أهالي المدينة تحقيق نهضة حقيقية، تكشف الحقائق يوماً بعد يوم أن الفاسدين، يحولون القانون إلى بوابة للاستحواذ على الأموال العامة، والاتهامات تتوالى على النائب مثنى السامرائي، الذي يترأس اللجنة العليا للمشروع.
الأموال تُنهب باسم الحضارة
في اجتماع عُقد في الثالث من شباط 2025، ناقشت لجنة “سامراء عاصمة العراق للحضارة الإسلامية” برئاسة النائب مثنى السامرائي، تطورات العمل في المشاريع المرتبطة بالقانون، وشدد خلاله على أهمية “تحقيق أعلى المعايير” و”تجاوز المعوقات”، بحسب البيان الرسمي الصادر حينها.
لكن على الأرض، لا معايير ولا مشاريع. ما تحقّق فعلياً هو شبكة من الفساد، كشفتها تصريحات النائب شعلان الكريم، الذي أكد أن “أموال قانون سامراء تم سرقتها بالكامل، عبر نقلها من رئيس جامعة صلاح الدين (الذي كان يرأس اللجنة سابقًا) إلى المحافظ، ليتم تحويلها إلى مشاريع وهمية ومتلكئة، أغلبها خارج قضاء سامراء”.
وأضاف الكريم، في تصريح سابق، أن "حجم الفساد في محافظة صلاح الدين ضخم، وما ظهر حتى الآن ليس سوى جزء بسيط من شبكة معقّدة بدأت منذ عام 2013، واستمرّت حتى اليوم تحت عيون ساكتة وشريكة"، مشيراً إلى أن "مثنى السامرائي هو من يتحكم حالياً بالمشروع من موقعه التشريعي والتنفيذي في اللجنة البرلمانية".
سامراء: تاريخ مسروق وحاضر مُهمل
سامراء ليست مجرد مدينة، بل كانت يوماً ما عاصمة الدولة العباسية، وقد بُنيت في عام 835م على يد الخليفة المعتصم بالله، وتحمل إرثاً حضارياً لا مثيل له. أُدرجت ضمن لائحة التراث العالمي لليونسكو عام 2007، وتضم معالم مثل المئذنة الملوية، جامع أبي دلف، قصر العاشق، وسور أشناس، وغيرها من الشواهد العمرانية الإسلامية.
لكن المدينة اليوم تعاني من التهميش، شوارعها متهالكة، خدماتها بائسة، وتاريخها مطمور تحت أكوام الإهمال.
أصوات سامرائية: “كفاكم سرقة باسم سامراء”
عدد من أهالي المدينة، عبروا عن غضبهم وإحباطهم من تكرار الاجتماعات والتصريحات، دون أي إنجاز ملموس، وبقاء الأنقاض تمحي صورة الهوية التراثية للمدينة التاريخية.
يقول “أبو حسين”، صاحب محل تراثي من أهالي سامراء يقول: "صارلنا سنين نسمع عن مشاريع سامراء، بس كلها بالحبر، ما شفنا غير سرقة وتحايل. مثنى السامرائي لازم يتحاسب، لأنه هو اللي ماسك كل الخيوط”.
فيما تضيف أم أحمد"، معلمة متقاعدة: "سامراء تستحق تصير درّة السياحة الإسلامية، بس الفساد ذبحها، واللي يسرق باسمها لازم ينفضح".
حتى الفنان الشعبي سعدون الساعدي، الذي زار المدينة مؤخراً، لم يتمالك نفسه وقال: "مدينة سامراء مو مال هيج إهمال. أهلها يستاهلون، بس المسؤولين سرقوا كل شي حتى الحلم”.
500 مليار دينار… لا وجود لها!
الواقع يُثبت أن تلك الأموال المخصصة لمشروع سامراء، لم تُستخدم لصالح المدينة، بل تحوّلت إلى فرص للسرقة والاستثمار السياسي الضيق، وسط غياب الرقابة الفعلية من الدولة، وضعف دور الأجهزة التنفيذية في كشف الحقائق.
متى تُسترد سامراء؟
بات مشروع “سامراء عاصمة العراق للحضارة الإسلامية” مرآة للفساد المتغلغل في إدارة الملفّات التاريخية والثقافية. مدينة بهذه المكانة لا تحتاج اجتماعات شكلية، بل تتطلب قرارات جريئة، ومحاسبة واضحة لكل من سرق باسمها، وعلى رأسهم مثنى السامرائي، هذا ما يقوله الكثير من المدونين.