الديرة - الرمادي
في قرية الصوفية، تلك البقعة الريفية الساحرة التي تغفو على ضفاف الفرات شرقي الرمادي، وُلد المصور الفوتوغرافي أحمد حمزة فاضل عام 1959، ترعرع وسط بساتين نخيلها، وصوت أمواج الفرات الهادرة، وملامح الطين المتشققة، وصور والديه البسيطة، ومشاهد الرعاة مع أغنامهم، هذه كانت تفاصيل حياته اليومية التي زرعت في قلبه حب التصوير الفوتوغرافي، ورافقته طوال مسيرته المهنية.
شغف البدايات
ويتحدث أحمد حمزة عن شغف البدايات بالتصوير حيث رافقه مبكرا، من دون آلة تصوير، كان مجرد حلم يكتب على دفاتر المدرسة قبل أن يتحول إلى حقيقة، ولعل ملاصقة مهنة التصوير الفوتوغرافي إلى جانب اسمه على دفاتر المدرسة وضعه في حرج دائم مع معلميه، بسبب كثرة أسألتهم له بشأن ذلك، لكنه كان يجيبهم بكل ثقة أنه ينوي دراسة "معهد الفنون الجميلة - قسم التصوير"، وقد تحقق له ما أراد.
الحلم يتحقق
قبل أن يكمل أحمد حمزة، دراسته الأبتدائية، حصل على حلم طفولته وهو اقتناء كاميرته الأولى، استطاع من خلاله توثيق المناظر الطبيعية في قريته وكل المشاهدات التي تصادفه في يومه، حتى إكمال دراسته الأبتدائية والمتوسطة في قرية الصوفية، ليلتحق بمعهد الفنون الجميلة في بغداد.
ويتحدث عن الانعطافة الأكبر في حياته وهي مرحلة إكمال الدراسة الأكاديمية والتي من خلالها استطاع صقل موهبته والمشاركة في معارض محلية ودولية ليحصل على جوائز كبيرة ومرموقة، رغم أن حلمه لم يدم طويلا، حيث أجبرته على ترك دراسة معهد الفنون والألتحاق بمعهد المعلميين في الأنبار، إلا أن هذا التحول لم يمنعه من إدراج اسمه بين كبار المصورين في البلد، خصوصا بعد انضمامه إلى الجمعية العراقية للتصوير عام 1986، والتي شارك في معارضها وحصل على جوائز ذهبية وفضية وبرونزية.
وخلال الثمانينيات، كان أحمد حمزة يُعرض صوره في بغداد أمام كبار المصورين للحصول على آرائهم، وأولى صوره التي نُشرت على غلاف مجلة "التراث الشعبي" كانت نقطة الإنطلاق القوية بالنسبة له، لتتوالى بعدها النجاحات والجوائز المحلية والعالمية.
وقد حصل لقب "شيخ المصورين" من قبل نقابة الصحفيين العراقيين عام 2009، تقديراً لمسيرته الحافلة، التي أقام خلالها أكثر من 15 معرضاً شخصياً، نال خلالها أكثر من 20 جائزة عالمية ومحلية، كان أبرزها الوشاح الذهبي.
المحطة الأهم
يعتقد المصور الفتوغرافي أحمد حمزة فاضل أن حياته الفنية وثقت محطات مهمة لمدينة الرمادي وأهلها على مدى نصف قرن، لكن المحطة الأهم بالنسبة له "توثيق الدمار والإعمار في مدينة الرمادي"، على حد تعبيره.
وقد أضطر إلى مغادرة مدينته الرمادي، بعد سيطرة تنظيم "داعش" عليها، لكنه عاد بعد تحريرها مباشرة ووثق بكاميرته الدمار الذي طالها، إلا أن حملة الإعمار التي شهدتها المدينة دفعته لإطلاق مشروعه التصويري الذي حمل عنوان "قبل وبعد"، والذي وثق من خلاله الأماكن المدمرة وأعاد تصويرها بعد إعمارها، وهو مشروع لاقى استحساناً كبيراً لدى أهالي المحافظة.
توثيق الزمن الفوتوغرافي
يؤمن أحمد حمزة بأن الصورة الفوتوغرافية هي الأداة الأهم لكتابة تاريخ المدن. ويوضح قائلاً: "الصور تسجل التسلسل الزمني لكل مدينة، وهي التي تروي قصص أهلها وأحداثها".
ويحتفظ في استوديوه الخاص بأرشيف ضخم يوثق مختلف مراحل التغير في الرمادي، من الأفراح والأحزان إلى الحروب والإعمار، فيما يعده كثيرون أيقونة التصوير الفوتوغرافي في الأنبار، ورمزاً لتوثيق تاريخها، واستوديوه الخاص في شارع ميسلون وسط الرمادي، شاهدا على ذلك.