الديرة - الرمادي
لم تكن ليلة أمس عادية في قضاء خبات قرب أربيل، توثيقات النزوح، أصوات إطلاق النار، وتصاعد أعمدة الدخان، رسمت صورة لواحدة من أكثر المواجهات حدّة بين قوات البيشمركة ومجموعات من عشيرة الهركية خلال العام الحالي.
فقد تحولت قرية لاجان إلى بؤرة توتر أمني وإنساني بعد اندلاع اشتباكات عنيفة خلّفت قتلى وجرحى، وتسببت بنزوح جماعي لعائلات تركت منازلها تحت ضغط الاشتباكات وتضارب الروايات.
ورغم أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها المنطقة صداماً مماثلاً، فإن اتساع رقعة الأحداث، وارتفاع مستوى الاحتقان، وتحول الملف إلى قضية رأي عام كردي، جعل من الليلة الماضية محطة مفصلية في سلسلة توترات متكررة بين الهركية والبيشمركة.
نزوح جماعي وصور صادمة
تدفقت خلال الساعات الماضية عشرات المشاهد المصورة التي وثقت خروج عائلات من قرية لاجان ليلاً، وسط بكاء مسنين وأطفال، ونداءات استغاثة تطالب بتدخل حكومي ودولي.
جوهر الأغا الهركي، رئيس عشيرة الهركية، قال في تسجيل صوتي:”عمليات الأنفال تعود من جديد، تُكسر كرامتنا على يد سلطة ظالمة.”
وتداولت وسائل إعلام كردية وعربية مقاطع لمراسل من أبناء الهركية وهو ينهار بالبكاء على الهواء بعد رؤيته عائلته ضمن النازحين، فيما ظهر مسن يشكو: “هجروني واعتقلوا ولدي ولا أعرف مصيره.”
البيان الرسمي للعشيرة وصف ما يجري بأنه “تهجير قسري يخالف القانون والدستور”، داعياً الحكومة العراقية والأمم المتحدة للتدخل العاجل.
اشتباكات وسقوط ضحايا
اندلعت مواجهات مسلحة عند أطراف خبات، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين بحسب مصادر طبية.
وتطورت الأحداث إلى قطع طرق، إشعال إطارات، وحرق دائرة البطاقة الوطنية في القضاء.
في المقابل، دفعت قوات البيشمركة بتعزيزات عسكرية وانتشرت في محيط القرى، بينما أعلنت اللجنة الأمنية في أربيل توقيف عضو الاتحاد الوطني نيجيرفان عيسى هركي بتهمة “التحريض على الفوضى واستهداف منشآت اقتصادية”.
وأكدت اللجنة أنها أحبطت “محاولات لتفجير منشآت عامة وإثارة الشغب”.
الاشتباكات ليست الأولى
تشير مصادر سياسية إلى أن هذه المواجهة هي الثانية خلال العام الحالي بين الهركية والبيشمركة، وأن جذور التوتر تتجاوز الخلافات الميدانية لتصل إلى تضارب مصالح سياسية واقتصادية بين القيادات المؤثرة.
وتشير روايات محلية إلى أن قرية لاجان تشكل نقطة حساسة في ملفات النفوذ بسبب وجود مصافي نفط ومحطة كهرباء تغطي عدداً كبيراً من مناطق أربيل ، ما يجعلها بؤرة قابلة للاشتعال عند أي احتكاك.
في المقابل، تصف السلطات في أربيل ما يحدث بأنه “محاولة لزعزعة الأمن”، بينما يؤكد أبناء الهركية أنهم “يتعرضون لمحاولة إلغاء وجود”.
وبين بيان رسمي يحمّل مجموعة مسؤولية “إثارة الفوضى”، ونداءات عشائرية تتحدث عن “إبادة جديدة”، ولهذا تبدو الأزمة أعمق من مجرد خلاف محلي.