آخر الأخبار


قبيل رمضان.. ارتفاع الأسعار يؤرق أهالي الأنبار.. اللحم "غالٍ" والسمك "أغلى" والحكومة تتحرك

  • A+
  • A-

 الديرة - الرمادي 

يتكرر المشهد ذاته كل عام، إذ يشهد السوق المحلي في العراق، ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار السلع والمواد الغذائية الأساسية مع اقتراب شهر رمضان المبارك، بسبب تبعات أزمة سعر صرف الدينار أمام الدولار الأميركي، رغم المساعي والمحاولات الحكومية لضبط الأسعار.


وبحسب بيانات لوزارة التخطيط، فأن أسعار السلع والخدمات في العراق ارتفعت بنسبة بلغت 18 بالمئة خلال السنوات الأربع الأخيرة، فيما شهدت أسعار السلع الأساسية للمواطن العراقي ارتفاعاً بلغت قيمته 30 بالمئة في المتوسط.


وتشير البيانات إلى أن أسعار اللحوم سجلت ارتفاعاً بنسبة 36 بالمئة، مقارنة بالعام 2020، ووصل سعر الكيلو منها 25 ألف دينار، كما ارتفعت أسعار الأسماك بنسبة 38 بالمئة، كذلك ارتفعت أسعار الألبان 30 بالمئة.


معاناة متواصلة

وتتكرر مأساة المواطنين كل عام مع حلول رمضان، حيث المعاناة ذاتها بسبب ارتفاع الأسعار، ويشكو (أبو عبدالله)، وهو أحد المواطنين من أهالي الأنبار، الذين التقتهم "الديرة"، أثناء تسوقه استعدادا لاستقبال رمضان، قائلا :"في كل عام، وقبيل حلول شهر رمضان، ترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير، ما يزيد من الأعباء على المواطنين، خصوصًا أصحاب الدخل المحدود، الذين يواجهون بالفعل تحديات أخرى مثل الإيجارات، وفواتير المولدات، ومتطلبات العائلة الأساسية".

ويضيف (أبو عبدالله)، أن "الأسواق المحلية بحاجة إلى مزيد من تكثيف الجهود للمراقبة من قبل الحكومة المحلية، واتخاذ الإجراءات الرادعة ومحاسبة كل من يثبت احتكاره للمواد الغذائية وإحالة المقصرين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل".

وأشار إلى أن "هناك من يعمد احتكار المواد الغذائية، وينتظر شهر رمضان كفرصة لزيادة أرباحه، ضاربا كل الأعراف القانونية والدينية والأخلاقية التي يجب مراعاتها في الشهر الفضيل".

إلى ذلك يشكو (أبو محمد)، من أهالي الفلوجة "ضعف الحال وعدم وجود دخل مادي يساعده على شراء ما يحلو له من السوق".

(أبو محمد) يقول "للديرة" :"أعاني من أمراض مزمنة ولا اقوى على العمل وليس لدي معيل ولا راتب اجتماعي يساعدني في مواجهة قساوة الحياة ومتطلباتها".

ويتابع :"نعتمد في معيشتنا على الناس الخيرة التي لا تنقطع عن فعل الخير، ولا تنسى من هم بحاجة إلى المساعدة".

أصحاب المهن أيضا لهم حصتهم من المعاناة، حيث يقول الجزار (تقي مؤنس)، وهو من مدينة حديثة، أن: "تكاليف الإيجار مرتفعة، سواء للمحال أو للخانات، مما ينعكس على أسعار اللحوم، والحكومة يجب أن تهتم بالفقراء ليس فقط بالمستهلكين، بل أيضًا بأصحاب المحال، فالجزار كذلك مواطن وله التزامات".


الحكومة تتدخل


وأعلنت وزارة الداخلية في العراق عن أنها ستقوم خلال شهر رمضان المبارك بتعزيز إجراءاتها لمتابعة أسعار المواد الغذائية وكل التجار من خلال مديرية مكافحة الجريمة الاقتصادية.

وبحسب بيان المتحدث باسم الوزارة، مقداد ميري، فإن "ملاكاتها ستلقي القبض على التجار المتلاعبين وتطبيق القانون بشكل صارم، ولن يتم السماح بأي شكل من الأشكال باحتكار المواد الغذائية وزيادة أسعارها". 

وأضاف أن "بعض المديريات التابعة لوزارة الداخلية، فضلاً عن أجهزة أمنية أخرى كالأمن الوطني وغيرها، معنية بمراقبة أسعار الأسواق المحلية".



عواقب عالمية


ويرجع محللون اقتصاديون، ارتفاع أسعار بعض السلع، إلى الارتفاع العالمي نتيجة الأزمات التي شهدها العالم مؤخراً، ابرزها الحرب الروسية - الأوكرانية، والحرب على غزة ولبنان. 

ويقول الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه لموقع "الديرة"، إن "العراق كغيره من دول العالم - تأثر وضعه الاقتصادي ومستواه التجاري بفعل الأحداث الجارية، بداية من جائحة كورونا التي أعقبتها الحرب في أوكرانيا وختامًا بأحداث غزة ولبنان، وهي كلها أسباب تستدعي تذبذب اقتصاد أي بلد".


ويضيف عبد ربه، أن "العراق في العامين الأخيرين يشهد تذبذباً في الوضع الاقتصادي بسبب تغير سعر الصرف خلال هذه الفترة لأكثر من مرة، وهو ما أثر بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي، وخاصة الفوارق في السوق الموازية التي تبيع الدولار بفرق سعر شاسع عن السعر الرسمي". وأوضح أن "اعتماد العراق على الاستيراد أثر أيضاً على الأسعار، خصوصاً وأن البلد يعتمد على استيراد 70 بالمئة من منتجاته".



مشاهد مألوفة


وقد يتميز العراقيون دون غيرهم، بالتكافل الإنساني فيما بينهم خصوصاً في أيام الشهر الفضيل، لتكون صورة المحبة والتسامح والتكافل، مشاهد مألوفة في كل عام، أما على صعيد محافظة الأنبار، فتطلق فرق تطوعية مختلفة أكثر من 30 حملة ومبادرة تركز على توزيع الطعام والمواد الغذائية منذ بداية شهر رمضان.


ويستهدف الجهد التطوعي اليتامى والأرامل والأشخاص ذوي الإعاقة، وفقاً للمتطوعة عائشة عبد الرحمن الدليمي، التي تقول لـ"الديرة" إن "آلية الحملة تقوم على دفع الأغنياء ورجال الأعمال وأصحاب المتاجر وتشجيعهم على التبرع، ونتولى نقل التبرعات العينية وتوزيعها، كذلك نشتري المواد واللحوم المختلفة، وتنظيم الحملة بوجود المتبرعين، فذلك أضمن وأكثر راحة لهم".


وتضيف الدليمي أن "الحملات التطوعية واحد من أهم عوامل تماسك المجتمع في الأنبار وتمكنه من تجاوز التحديات والأزمات السابقة الأمنية منها والاقتصادية". 


وتوضح أن "ما يميز هذا الشهر الفضيل هو استقرار الوضع الأمني محافظتنا الحبيبة التي باتت من أكثر مدن العراق أمانًا، بفضل جهود قيادتنا الأمنية ورجال الأمن الأبطال، إضافة إلى تعاون الأهالي، الأمر الذي جعل الأنبار عروس المحافظات".