آخر الأخبار


"توقيت دعوات التقسيم مريب".. عراق المقايضات: من تخوين مشاريع الأقلمة إلى صيغة "النفط مقابل الماء"

  • A+
  • A-

الديرة - الرمادي


بشكل مفاجئ عادت التصريحات السياسية المطالبة بتقسيم العراق على أسس طائفية ومناطقية إلى الواجهة من جديد، من احزاب وكيانات سياسية كانت توجه سيلاً من الاتهامات بـ"الخيانة" لكل الأصوات التي تطالب بإنشاء إقليم.

 تلفزيون "الديرة"، يسلط الضوء على المواقف والتصريحات وردود الأفعال التي انطلقت مؤخرا، في خضم التوترات السياسية المتصاعدة في المنطقة، ما ينذر بعواقب وخيمة على وحدة الدولة العراقية واستقرارها، فبعد التلويح بمشروع "المحافظات التسعة" و"نفط الشيعة للشيعة"، انزلق رئيس البرلمان محمود المشهداني الى التهديد بقطع المياه عن الجنوب، وهو ما يعكس مستوى التصعيد الخطير الذي قد يقود العراق إلى متاهات الفوضى والانهيار.

 

أما الاستقلال الشيعي أو الحاكمية

 

وبدأت الأزمة عندما لمّح رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي إلى فكرة الإقليم، مشيراً إلى أن معظم ثروات البلاد النفطية تتركز في المحافظات الجنوبية ذات الغالبية الشيعية، وأن الضرر سيلحق بالمحافظات غير النفطية في حال تقسيم البلاد إلى فيدراليات.

 وفي تصعيد للموقف، صرح النائب حسين مؤنس، قائلاً: "إن الوضع الشيعي في البلاد حتى الآن متمسك بموضوعة الحاكمية (رئاسة الحكومة)"، مضيفاً أن هناك ابتزازاً للمكون الشيعي في كل تشكيل حكومي، وأن المعادلة السياسية ينبغي أن تُصاغ بصيغة تعطي الشيعة خيارات أخرى، إما "الفيدرالية والاستقلال الشيعي وأخذ تسع محافظات، وإما الحاكمية".

 

الماء مقابل النفط


وقد أثارت هذه التصريحات موجة من الردود المضادة من شخصيات سياسية سنية، فقد صرح محمود المشهداني بأن "الأنبار أغنى محافظة عراقية نظراً لوجود اليورانيوم والسيليكون، مع إمكانية قطع مياه النهرين إذا انفردت محافظات الجنوب بالنفط"، وهو ما اضطره لاحقاً للتوضيح بأن كلامه جاء في سياق "التهكم" على دعوات التقسيم.

وترى مصادر سياسية مطلعة أن توقيت هذه التصريحات يثير الريبة، خاصة وأنها تأتي في ظل أوضاع إقليمية متوترة، وتحولات سياسية عميقة تشهدها المنطقة.


من المستفيد من زعزعة الاستقرار؟


 وفي هذا السياق، يميل مراقبون إلى الاعتقاد بأن موجة الحديث عن الأقلمة تمثل "ورقة ضغط من جماعات على صلة بإيران على الولايات المتحدة ودول فاعلة في المنطقة"، لا سيما بعد تولي الرئيس دونالد ترمب للحكم مجدداً في يناير الماضي.

ويرى الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، إبراهيم العبادي، أن دعوات إنشاء إقليم شيعي تعود لعاملين أساسيين: أولهما "إخفاق الدولة في تحقيق التنمية المتوازنة"، مما جعل المحافظات ذات الأغلبية الشيعية تشعر بأنها لم تحظ بتخصيصات مالية كافية لتحسين الخدمات وتقليل معدلات الفقر. أما العامل الثاني فمرتبط بـ"ازدياد الشعور بالغبن مقارنة بما يحصل عليه إقليم كردستان"، رغم أن المناطق الجنوبية تمثل المورد الأكبر للموازنة العامة.

 ويلفت العبادي الانتباه إلى ظاهرة تتمثل في انقلاب بعض النخب الشيعية على مبدأ المواطنة الذي طالما دعت إليه، وميلها نحو "المعاملة الخاصة"، لاعتقادها أن "المناطق الشيعية صارت مثل البقرة الحلوب، يبدد المركز إيراداتها بترضيات سياسية".

 

 العراق بلد غير قابل للتقسيم

 


ويؤكد مراقبون للشأن السياسي أن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن العراق بلد غير قابل للتقسيم، حيث تتشابك مصالح مكوناته وتتكامل موارده بشكل يجعل أي محاولة للتقسيم أمراً محفوفاً بمخاطر جسيمة قد تؤدي إلى فوضى عارمة وانهيار شامل.

 وفي هذا السياق، يرى المراقبون أن البديل الأكثر واقعية واستقراراً هو نظام لامركزي فعال يراعي الهويات الفرعية ويأخذ بعين الاعتبار العوامل الاقتصادية والجغرافية لكل إقليم، وهو ما يتفق مع دستور البلاد لعام 2005، الذي أقر بإمكانية إنشاء أقاليم ضمن الدولة الموحدة.

 وأوضحوا   أن دعوات التقسيم، أياً كان مصدرها، لا تخدم إلا أجندات خارجية تسعى لزعزعة استقرار العراق والمنطقة بأسرها، وأن الحل يكمن في تغليب لغة الحوار الوطني الشامل، وتعزيز مبدأ المواطنة، والعمل على تحقيق التوزيع العادل للثروات والموارد بين جميع المحافظات العراقية..