الديرة - الرمادي
بعد سنوات من التجارب السياسية المريرة والتهميش الذي عانى منه المكون العربي في محافظة كركوك، تشهد الساحة السياسية في المدينة المتنازع عليها تحولاً لافتاً في توجهات الناخبين العرب، الذين بدأوا يلتفون بشكل واضح حول حزب "تقدم" الذي يتزعمه الرئيس محمد الحلبوسي، استعداداً للانتخابات البرلمانية المقبلة.
تلفزيون "الديرة"، اجرى جولة ميدانية في محافظة كركوك، اذ يتضح وجود توجه عام في الأوساط العربية داخل المدينة للتصويت لصالح مرشحي حزب "تقدم"، الذي استطاع خلال الفترة الماضية أن يرسخ حضوره في المدينة التي تضم مكونات متعددة من العرب والكرد والتركمان.
تحولات بارزة
ويعزو مراقبون سياسيون أسباب هذا التحول في المزاج الانتخابي للناخب العربي في كركوك إلى التجارب المريرة التي مر بها المكون العربي خلال السنوات الماضية، حيث شعر العرب بالتهميش وعدم التمثيل العادل في مؤسسات الدولة وفي القرارات المصيرية التي تخص محافظتهم.
وفي هذا السياق يقول الباحث السياسي، مصطفى الفرج، خلال حديث خاص لتلفزيون "الديرة"، إن "العرب في كركوك عانوا من تمثيل سياسي مشتت وضعيف لسنوات طويلة، وهو ما جعلهم يدفعون ثمن هذا الضعف في مفاوضات تشكيل الحكومات المحلية وفي توزيع المناصب والموارد".
وأضاف الفرج: "اليوم يرى عرب كركوك في حزب تقدم وزعيمه الرئيس محمد الحلبوسي قوة سياسية متماسكة قادرة على تمثيلهم والدفاع عن حقوقهم في المحافل السياسية، بعيداً عن التشتت والانقسام الذي ميز تمثيلهم السابق".
ويضيف أن "هناك توجهاً شعبياً كبيراً في كركوك يريد لحزب تقدم أن يكون هو الممثل الأول للعرب في محافظة كركوك"، لافتا إلى أن "هذا التوجه يعكس حالة الالتفاف حول الحزب، بعد حضوره الأخير الذي حقق نجاحاً كبيراً في كركوك".
شعبية واسعة
اكتسب حزب "تقدم" والرئيس محمد الحلبوسي شعبية واسعة في أوساط عرب كركوك بعد الأداء السياسي القوي الذي أظهراه خلال مفاوضات تشكيل الحكومة المحلية في المحافظة، حيث نجح الحزب في انتزاع مكاسب سياسية وإدارية مهمة للمكون العربي.
ويقول محمد العبيدي، وهو من وجهاء المكون العربي في كركوك: "استطاع الرئيس الحلبوسي وحزبه خلال المفاوضات السياسية الصعبة أن يدافعا عن حقوق العرب بقوة غير معهودة، وهو ما أعاد الثقة للناخب العربي بإمكانية التمثيل العادل في المؤسسات الرسمية".
ويؤكد العبيدي، في حديث خاص لتلفزيون "الديرة": "لمسنا جدية غير مسبوقة من الحلبوسي وحزبه في التعامل مع ملفات كركوك، وهو ما انعكس على مستوى الخدمات والتمثيل السياسي للعرب في المحافظة".
ويشير مصدر مطلع من داخل حزب تقدم في حديث خص به تلفزيون "الديرة"، إلى أن "قيادة الحزب تولي اهتماماً خاصاً بملف كركوك، وتضعه على رأس أولوياتها السياسية".
واقع سياسي جديد
أدى دخول حزب "تقدم" بقوة على معادلة كركوك السياسية إلى إعادة التوازن في المشهد السياسي للمحافظة، وساهم بشكل ملحوظ في نزع فتيل التوتر بين المكونين العربي والكردي.
ويرى المحلل السياسي كامل العزاوي أن "قوة التمثيل العربي بزعامة محمد الحلبوسي جعلت من المستحيل تجاوز حقوق المكون العربي في كركوك، وفرضت واقعاً جديداً يقوم على التوازن والشراكة الحقيقية بين جميع مكونات المحافظة".
ويؤكد العزاوي في حديث خاص لـ"الديرة"، أن "الحلبوسي نجح في تقديم نموذج للعمل السياسي الذي يجمع بين الدفاع عن حقوق المكون الذي يمثله، وبين مد جسور التعاون مع المكونات الأخرى، وهو ما أسهم في تخفيف حدة التوتر في المحافظة".
ويتوقع المحلل السياسي أن "يشهد الاستحقاق الانتخابي المقبل تحولاً كبيراً في خارطة التمثيل السياسي لعرب كركوك، بما يعزز من مكانة حزب تقدم كممثل رئيسي للمكون العربي في المدينة ".
ويرى مراقبون أن المشهد السياسي في كركوك مقبل على مرحلة جديدة من إعادة ترتيب الأوراق، في ظل تنامي الدور السياسي لحزب "تقدم" والتفاف المكون العربي حوله، الأمر الذي قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في موازين القوى داخل هذه المحافظة الاستراتيجية، التي ظلت لعقود محط صراع وتنافس بين مختلف المكونات والقوى السياسية في العراق.