آخر الأخبار


عام دراسي جديد لـ 12 مليون تلميذ… والازدحام ونقص المدارس يطاردانهم

  • A+
  • A-

 الديرة - الرمادي


انطلق صباح الأحد العام الدراسي الجديد في العراق بمشاركة أكثر من 12 مليون تلميذ وطالب في مختلف المراحل، لكن هذه البداية المفعمة بالآمال تخفي وراءها واقعًا معقدًا يتكرر منذ سنوات. فالمشهد التعليمي ما زال يواجه مشكلات متشابكة تتجاوز قدرة الحلول الجزئية، بينما تبقى وعود الإصلاح الرسمية في حدود التصريحات الإعلامية.



بغداد نموذج للازدحام المفرط


بحسب مواطنين فانه في جانب الرصافة، أصبحت المدارس ذات الدوامين شبه منقرضة، إذ تحوّل معظمها إلى ثلاث دوامات يوميًا، فيما يعلق الأهالي بسخرية كبيرة على هذه الظاهرة، في إشارة إلى أنّ الازدحام صار إنجازًا يُحتفى به بدل أن يكون استثناءً. هذا الوضع يقلّص زمن الحصة، ويجعل المعلمين أمام صفوف تتجاوز الخمسين طالبًا، ما يحول العملية التعليمية إلى مجرد سباق لإنهاء المناهج دون تعلّم فعلي.



أزمة القبولات والدروس الخصوصية


رغم مرور أسابيع على بدء الدراسة، ما زالت شكاوى الأهالي تتواصل بشأن عدم حسم القبولات، فيضطر الكثيرون إلى التنقل بين المدارس بحثًا عن مقعد لأبنائهم. ومع ازدياد الضغط على المدارس الحكومية، تتجه العائلات إلى الدروس الخصوصية التي تحوّلت من خيارٍ إضافي إلى ضرورة شبه إلزامية، ما يرهق ميزانيات الأسر محدودة الدخل ويفاقم الفجوة بين طبقات المجتمع.


تعليقات المواطنين… أصوات الغضب تتصاعد


مواطن من بغداد يقول: "مدارس ماكو، الناس داتعاني من عدم القبولات لحد الآن". آخر يضيف: "راح تبلش معاناة الأهالي في الدروس والواجبات على التلجرام، لأن المدرسة ما تكفي".


يضيف مواطن اخر غاضب من وزارة التربية: رغم ما تعلنه وزارة التربية من برامج وإنجازات، إلا أنّ الواقع التربوي يعاني من تحديات كبيرة أثرت بشكل مباشر على الطالب. 

أبرز هذه التحديات:

 1. الاكتظاظ داخل الصفوف، إذ يصل عدد الطلاب أحيانًا إلى أكثر من (50) طالبًا في الصف الواحد، مما يضعف العملية التعليمية.

 2. النقص الحاد في الأبنية المدرسية، حيث ما زالت الكثير من المدارس تعمل بنظام الدوام الثلاثي.

 3. قلة الكوادر التدريسية المتخصصة نتيجة محدودية التعيينات.

 4. المناهج الدراسية غير متناسبة مع الوقت المخصص، وتحتاج إلى مراجعة بما ينسجم مع متطلبات الطالب وظروفه.

 5. ضعف الخدمات الأساسية في أغلب المدارس (ماء، كهرباء، تبريد، أثاث مدرسي).

 6. تزايد اعتماد الطلبة على الدروس الخصوصية بسبب ضعف مستوى التدريس في بعض المدارس




انتشار المدارس الأهلية والمعاهد غير المرخّصة


إلى جانب هذه الأزمات، يشهد العراق انتشارًا متزايدًا للمدارس الأهلية والمعاهد التعليمية التي تعمل بلا موافقات رسمية أو تراخيص واضحة. ورغم أن بعض هذه المؤسسات يسدّ فجوة النقص في التعليم الحكومي، فإن غياب الرقابة الصارمة يفتح الباب أمام استغلال أولياء الأمور بأسعار مرتفعة وجودة متفاوتة. كما يثير الأمر مخاوف من تفاقم التفاوت الاجتماعي، حيث تتحول العملية التعليمية إلى سلعة تجارية أكثر منها خدمة تربوية خاضعة للمعايير. خبراء يحذرون من أن ترك وزارة التربية لهذه المؤسسات من دون متابعة حقيقية يهدد بتشويه معايير التعليم وخلق بيئة تعليمية غير متكافئة



إخفاق في التخطيط والاستجابة


يؤكد خبراء تربويون أن هذه الأزمات ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى غياب التخطيط الإستراتيجي منذ سنوات. فبرغم تكرار التحذيرات والدراسات التي تشير إلى الحاجة لبناء آلاف المدارس، ما زالت المشاريع تنفّذ بوتيرة بطيئة، بينما تُصرف الميزانيات دون أثر ملموس في الميدان.



معاناة المعلمين والكوادر


المعلمون أنفسهم يواجهون تحديات هائلة: صفوف مكتظة، ضعف في التدريب المستمر، هذا الواقع لا يضعف معنوياتهم فحسب، بل يحد من قدرتهم على استخدام أساليب تدريس حديثة أو متابعة الفروق الفردية بين التلاميذ، ما يؤدي إلى تراجع المخرجات التعليمية على المدى الطويل.



تداعيات اجتماعية واقتصادية


انعكاسات هذه المشكلات لا تتوقف عند حدود المدرسة. فالتسرّب الدراسي يتزايد، خصوصًا في المناطق الفقيرة، ما يهدد بارتفاع معدلات الأمية والبطالة لاحقًا. كما أن الاعتماد على الدروس الخصوصية يوسع الفجوة الطبقية، حيث يحصل أبناء الأسر المقتدرة على تعليم إضافي، فيما يتخلف الآخرون.




مستقبل التعليم على مفترق طرق


مع كل عام دراسي جديد، يتجدد الحديث عن الإصلاح، لكن الواقع على الأرض يزداد تعقيدًا. استمرار الاكتظاظ، نقص الكوادر، وتأخر القبولات تهدد بتراجع مستوى التعليم إلى ما دون الحدود الدنيا. وبينما يذهب ملايين الأطفال يوميًا إلى مدارس مزدحمة وقاعات غير مؤهلة، يبقى السؤال: متى تتحول وعود الإصلاح إلى أفعال حقيقية تعيد للمدرسة مكانتها وتضمن لأجيال المستقبل حقهم في تعليم يليق بطموحاتهم؟