الديرة - الرمادي
على ضفاف نهر دجلة، وتحديدا عند منطقة الكريعات في بغداد، لا يزال المشهد نفسه يتكرر منذ ستة أيام.
قوارب الإنقاذ والغواصون يواصلون الغوص في أعماق المياه، بحثا عن جثمان الشاب حسين السماوي، القادم من محافظة المثنى، الذي اختفى فجأة تحت سطح النهر، تاركا خلفه صدمة ووجعا في قلوب عائلته وأهالي مدينته.
ومنذ لحظة الغرق، لم تهدأ جهود فرق الدفاع المدني والمتطوعين من الغواصين القادمين من مختلف المحافظات، إذ يقول أحد الغواصين: "نزلت إلى عمق 16 متراً تحت الماء، لكننا لم نعثر على شيء حتى الآن، تيارات النهر قوية، والمياه عكرة جدا".
ورغم الصعوبات، لا تزال فرق البحث تعمل على مدار الساعة، مدفوعة بنداءات الأم والأب اللذين ينتظران على الضفة، يرفعان أيديهم للسماء، يرجوان أن تعود إليهما جثة ابنهما ولو بلا روح.
أيام الانتظار الطويلة
نصب أهالي السماوة سرداق عزاء مؤقتا قرب النهر، يجلسون فيه منذ أيام، يراقبون المياه بعيون تملؤها الرجاء.
هناك، يتوافد الناس من أحياء الكريعات والأعظمية والكاظمية والمناطق القريبة، حاملين معهم الطعام والملابس والماء لأهل الفقيد، في مشهد يختصر معنى التضامن الاجتماعي في أصدق صوره.
وخلال الأيام الماضية، عُثر بالصدفة على ثلاث جثث لشباب غرقوا في فترات سابقة ولم يبلغ ذووهم بمصيرهم بعد، ما زاد من رهبة الموقف وحجم الحزن الذي يخيم على المكان.
لكن الأمل، رغم كل شيء، ما زال موجودا أمل العثور على حسين، ولو بعد طول انتظار.
مشهد يدمي القلب
كل مساء، ومع غروب الشمس على مياه دجلة، يجلس والد حسين بصمت، يحدق في الأفق، فيما تمسح والدته دموعها بصبر لا يُشبه إلا صبر الأمهات العراقيات.
يقول أحد المتطوعين: "الكل هنا يبحث من أجل أن ترتاح الأم والأب.. الكل ينتظر المعجزة".
وفيما تواصل فرق الإنقاذ بحثها على هدوء الأيام الستة الماضية، يبقى نهر دجلة شاهدا على حزن العراقيين الذي لا ينتهي.