الديرة - الرمادي
مع ارتفاع درجات الحرارة وبداية فصل الصيف، تعود أزمة الكهرباء مجددًا لتخيّم على المشهد العراقي، في ظل تزايد انقطاعات التيار الكهربائي في محافظات عدة.
وتشهد ساعات التجهيز انخفاضًا ملحوظًا، ما تسبب في موجة واسعة من الاستياء والقلق بين المواطنين، خاصة مع توقعات الأرصاد الجوية بارتفاع إضافي في درجات الحرارة خلال الأسابيع المقبلة.
وفي ظل هذه الظروف، عبّر العديد من العراقيين عن استيائهم بطرق مختلفة، وصلت حد السخرية، حيث انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات لاذعة وشعارات من قبيل: "استعدوا للجحيم!".
وتثير أزمة الكهرباء المتجددة تساؤلات عديدة حول جدية الخطط الحكومية لمواجهة هذه المشكلة المستمرة، لاسيما مع تحديات تراجع استيراد الغاز الإيراني وتباطؤ مشاريع الربط الكهربائي مع دول الجوار.
انقطاعات قاسية
شهدت الأسابيع الأخيرة تدهوراً ملحوظاً في واقع التيار الكهربائي، حيث سجلت بعض المحافظات انقطاعات تجاوزت 12 ساعة، بينما عانت مناطق أخرى من انقطاعات متواصلة لأكثر من 6 ساعات دون توقف، فيما تتفاوت ساعات التجهيز بين منطقة وأخرى، مما يعكس غياب التوزيع العادل للتيار الكهربائي.
وفي بغداد، قال المواطن محمد علي (45 عاماً) في حديث خص به تلفزيون "الديرة": "نحن نعاني من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة قد تصل إلى 6 ساعات متواصلة في بعض الأيام، وهذا في أوقات لم تصل فيها درجات الحرارة إلى ذروتها بعد".
من جانبه، أوضح حسين جاسم من محافظة ميسان في حديث خص به تلفزيون "الديرة": "الوضع هنا كارثي، نعيش على المولدات الأهلية التي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، والمشكلة أن درجات الحرارة في الجنوب تكون أعلى بكثير من باقي المناطق".
مخاوف متزايدة
يتخوف المواطنون من تفاقم الأزمة مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، خاصة وأن الانقطاعات الحالية تأتي في وقت ما زالت فيه درجات الحرارة معتدلة نسبياً، ويتساءل الكثيرون عن مصير ساعات التجهيز عندما تصل درجات الحرارة إلى مستويات قياسية قد تتجاوز 50 درجة مئوية في بعض المناطق.
تقول فاطمة حسين، وهي ربة منزل: "نحن الآن في بداية الصيف ونعاني من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، ماذا سيحدث في تموز وآب عندما تصل الحرارة إلى أقصاها؟ أخشى أن نعود إلى سنوات الحرمان الكامل من الكهرباء".
وتشير حسين في حديث خصت به تلفزيون "الديرة" ، إلى أن "استمرار هذا الوضع سيؤثر على الامتحانات النهائية للطلاب التي تجري خلال هذه الفترة، والتي تحتاج إلى أجواء مناسبة للدراسة والمراجعة".
صمت رسمي
رغم تفاقم أزمة الكهرباء، لم تصدر أي جهة رسمية توضيحاً حول أسباب تذبذب ساعات التجهيز أو خططاً لمعالجة الأزمة، وهذا الصمت يثير المزيد من التساؤلات حول قدرة الحكومة على إيجاد حلول جذرية لمشكلة الكهرباء المزمنة التي تتكرر مع كل صيف.
يقول الخبير الاقتصادي أحمد عبد ربه: "مشكلة الكهرباء في العراق ليست وليدة اليوم، بل هي نتيجة تراكمات سنوات من سوء التخطيط وغياب الاستراتيجية الواضحة، بالإضافة إلى الفساد المستشري في قطاع الطاقة".
ويؤكد عبد ربه، في حديث خص به تلفزيون “الديرة”، أن "العراق لا يزال يستورد الغاز الإيراني رغم قرار الحكومة الأميركية بإلغاء الاستثناء الممنوح له”، متوقعًا “دخول القرار حيز التنفيذ خلال الأيام المقبلة، مما سيسهم بشكل كبير في تذبذب ساعات تجهيز الكهرباء لفترات طويلة، خاصة في أوقات الذروة".
وفي السياق ذاته، كان آخر موقف صدر عن وزارة الكهرباء بشأن إلغاء استثناء استيراد الغاز الإيراني، على لسان المتحدث باسمها، أحمد العبادي، الذي توقع أن يكون الصيف المقبل صعبًا جدًا من حيث ساعات تجهيز الكهرباء، مشيرًا إلى أن حلول الحكومة لإيجاد البديل تحتاج إلى وقت أطول، بما في ذلك الربط الخليجي واستخدام الطاقة النظيفة عبر الاعتماد على الطاقة الشمسية.
ويبقى المواطن العراقي رهينة هذه الأزمة المتجددة، ينتظر حلولاً حقيقية بدلاً من الوعود التي تتكرر مع كل موسم صيف، دون أن تتحول إلى واقع ملموس يخفف من معاناته اليومية.