الديرة - الرمادي
في مشهد نادر وسط موجة الغلاء التي تجتاح الأسواق العراقية، يبرز سوق هيت كواحة اقتصادية حقيقية، حيث تباع الخضروات المحلية بأسعار تكاد تكون رمزية، والباعة يتنافسون في جذب الزبائن بشعارات إنسانية تلامس قلوب البسطاء.
وتشهد أسواق هيت انخفاضاً ملحوظاً في أسعار الخضروات المحلية، حيث يباع الكيلوغرام الواحد من الخيار والطماطم والباذنجان والفلفل بربع دينار فقط، هذه الأسعار التي تبدو خيالية في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، تعكس وفرة الإنتاج المحلي وحرص المزارعين على خدمة المجتمع المحلي.
ويتجول الباعة في السوق رافعين أصواتهم بعبارات تحمل معاني إنسانية عميقة: "خلي ياكل الفقير"، وهي دعوة صريحة لجعل الخضروات في متناول جميع فئات المجتمع، خاصة الطبقات الشعبية التي تعاني من ضغوط المعيشة.
ولا يقتصر الأمر على الخضروات الأساسية، بل يشمل السوق أيضاً مجموعة متنوعة من الفواكه الموسمية، حيث تتواجد الكمثري والزيتون والعنب الأسود في سوق الخميس، مما يوفر للمواطنين خيارات غذائية متنوعة وبأسعار معقولة.
وسط هذا المشهد التجاري النابض بالحيوية، يبرز الحاج عامر، صاحب أشهر الأكلات الشعبية في السوق، كرمز للأصالة والجودة، يقدم الرجل وجبة فطور استثنائية تتمثل في الدجاج المشوي على الحصى، وهي طريقة طهي تقليدية تضفي نكهة خاصة على الطعام.
يصف رواد المطعم تجربتهم قائلين إن درجة الاستواء "مخيفة" والطعم "من الخيال"، في إشارة إلى مستوى الإتقان والجودة العالية التي يحرص عليها الحاج عامر في إعداد وجباته.
ويمثل سوق هيت نموذجاً يُحتذى به في التوازن بين الربح والمسؤولية الاجتماعية، حيث يحرص التجار والمزارعون على تقديم منتجاتهم بأسعار تراعي الظروف الاقتصادية للمواطنين، دون التضحية بالجودة أو الطعم.
هذا المشهد الإيجابي في سوق هيت يبعث رسالة أمل وسط التحديات الاقتصادية، ويؤكد أن الحلول المحلية والإرادة الجماعية قادرة على تخفيف أعباء المعيشة على المواطنين.