آخر الأخبار


أهل سامراء يسخرون من "أصحاب الكروش الفاسدين": مطارنا مغلق بسبب الحر والكورنيش مؤجّل

  • A+
  • A-

 الديرة - الرمادي 


في الوقت الذي تواصل فيه درجات الحرارة الارتفاع وتشتد وطأة موجات الغبار على مختلف مدن العراق، لجأ سكان مدينة سامراء إلى أسلوبهم الخاص في التعبير عن استيائهم من تردي الخدمات، حيث انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي منشور ساخر حمل توقيع صفحة “أبناء سامراء”، أعلن عن “توقف الرحلات الجوية في مطار سامراء الدولي” بسبب سوء الأحوال الجوية، في إشارة رمزية إلى غياب أبسط مقومات البنية التحتية في المدينة.


المفارقة أن المطار المذكور غير موجود أصلاً، لكنه تحوّل إلى رمز للواقع المفقود، بينما جاءت الصورة المرفقة لتزيد من عمق التهكم، حيث تظهر طائرات رابضة في مطار أوروبي تتوسطه مئذنة الملوية التاريخية، وكأن المدينة أصبحت محطة دولية وهمية لا تتعدى حدود الخيال.


المنشور، الذي أثار موجة من التفاعل بين أهالي سامراء، لم يكتفِ بالسخرية من توقف “الرحلات الجوية”، بل أشار أيضاً إلى تأجيل “افتتاح موسم الكورنيش الترفيهي”، بسبب الأجواء الحارة، ليمزج بين الخيال والواقع المرير، حيث بات حتى “الترفيه البسيط” مؤجلاً في مدينة كانت يوماً ما عاصمة للخلافة العباسية.


ودعت الصفحة في نهاية منشورها، بلهجة ساخرة، المواطنين إلى “البقاء سعداء” حتى ينقشع الغبار أو تنخفض درجات الحرارة، محذرة من أن “العيون اللولكية والعشائرية والمتنقعين الشمبازية” يراقبون الوضع، في تعبير ساخر عن هيمنة جهات متنفذة لا تعبأ بمعاناة الناس، بل تكتفي بالمراقبة أو توزيع الوعود.


ويقول عدد من سكان المدينة، في تعليقاتهم على المنشور، إن هذا النوع من المحتوى لم يعد مجرّد مزحة، بل هو محاولة للتنفيس عن واقع خدمي مُتراجع، ووسيلة للاحتجاج الرمزي في ظل غياب المشاريع الحقيقية، حيث لا تزال سامراء، رغم مكانتها التاريخية والدينية، تفتقر إلى مطار، ومرافق ترفيهية، وخطط تنمية توازي حجمها الحضاري.


ويضيف مواطن يُدعى علي الخزرجي: “سامراء مليانة آثار، بس الناس دا تدور مكان تتنفس بيه، حتى الكورنيش ننتظر متى يفتح، وكل صيف نرجع لنفس النكتة: الحر والمولدة والغبار”.


فيما علّق آخر قائلاً: “اللي نشروا هذا الكلام، هم بيّنوا للناس إنو أكثر حلم نگدر نحلم بيه هو مطار وهمي وكورنيش مسدود!”.


المنشور، وإن بدا طريفاً من الوهلة الأولى، إلا أنه يعكس مشهداً أعمق من مجرد نكتة محلية، فبين سطور السخرية تكمن أسئلة جدية عن أسباب التراجع الخدمي، وحجم الفجوة بين الوعود الحكومية وما يعيشه الناس على أرض الواقع.


فسامراء، التي من المفترض أن تكون عاصمة للحضارة الإسلامية، ما زالت تختنق من الغبار الذي يملؤها، بسبب الشوارع غير المعبّدة، والبنى التحتية المفقودة، بسبب ذهاب الأموال إلى أصحاب الكروش العالية.