الديرة - الرمادي
في تصريح منسوب للنائب أمير المعموري، أثار موجة استياء شعبي، حيث قال، إن وزارة التربية أنفقت 180 مليون دينار على بناء ثلاثة مرافق صحية فقط في إحدى المدارس الحكومية.
هذا التصريح، بحسب المراقبين، "يجسّد حقيقة الفساد المستشري في المشاريع الصغيرة قبل الكبيرة". هذا المثال الصارخ يسلّط الضوء على حجم الهدر المالي داخل وزارة التربية، ويعكس صورة أشمل لما يجري في الملفات الأضخم وعلى رأسها "ملف الطباعة".
من "3 تواليتات" إلى مئات الملايين في الطباعة
القضية التي أشار إليها المعموري ليست حدثاً منفرداً، بل جزء من سلسلة مظاهر فساد متراكمة. ففي 2019، أعلنت لجنة التربية النيابية عن شبهات فساد في عقود طباعة المناهج، مؤكدة أنها أحالت الملفات إلى هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية.
ورغم هذا، لم يتغير المشهد: كل عام دراسي جديد يبدأ بنقص حاد في الكتب، ما يدفع الأهالي لشراء نسخ من السوق السوداء بأسعار مضاعفة .
مثنى السامرائي وملف الطباعة
في قلب هذه الشبكة، يرد اسم النائب مثنى السامرائي بشكل متكرر في تحقيقات صحفية وتقارير رقابية مسربة. تلك المواد تتهمه بالهيمنة على عقود الطباعة من خلال شبكة شركات محلية وخارجية، واستغلال مطابع مثل «
"دار النهرين" كواجهة لتمرير عقود بأرقام خيالية. ورغم أن هذه الاتهامات لم تُحسم قضائياً بعد، فإن حجم ما نُشر من تفاصيل وأرقام يؤشر إلى أن الملف ليس إشاعة عابرة .
رغم إعلان النزاهة والبرلمان فتح ملفات الطباعة منذ سنوات، إلا أن النتائج غائبة عن الرأي العام. لا توجد أحكام نهائية، ولا نشر علني لتقارير ديوان الرقابة المالية. النتيجة أن السوق السوداء تنمو، والصفقات تُمرر، والأرقام تزداد فداحة: من 180 مليون دينار لثلاثة مرافق صحية، إلى مئات ملايين الدولارات سنوياً لعقود طباعة "ناقصة".
تصريح أمير المعموري المتداول، يكشف جوهر المشكلة: الفساد في وزارة التربية ليس في "المليارات" وحدها، بل في كل مفصل من مفاصل التعاقد والإنفاق، حتى أبسط مشاريع المدارس.
ويقول مختصون بمراقبة الفساد، إن "هناك شبكة نفوذ سياسية ومالية تُفرغ التعليم من مضمونه، وتحوّل حقوق التلاميذ إلى صفقات موسمية بين مسؤولين ومقاولين"، مشيرين إلى أن "الإصلاح الحقيقي يبدأ من نشر كل العقود بشفافية، ومحاسبة كل من يتلاعب بأموال التعليم، من مشاريع المرافق الصحية، وصولاً إلى أكبر عقود طباعة المناهج".