الديرة - متابعة
كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي عن تفاصيل مثيرة بشأن الديون الخارجية على العراق، والتي لا تزال تشكل عبئاً على الاقتصاد الوطني، موضحاً أن إجمالي هذه الديون يبلغ أربعة وخمسين مليار دولار وفقاً لبيان البنك المركزي العراقي.
وأوضح المرسومي في منشور على "فيسبوك" اطلع عليه تلفزيون "الديرة"، أن"الديون الفعالة التي يدفع العراق فوائدها تبلغ ثلاثة عشر ملياراً وخمسمائة مليون دولار، في حين تبلغ الديون غير الفعالة والمجمدة منذ تسعينيات القرن الماضي ما يقارب أربعين ملياراً ونصف المليار دولار لمصلحة دول الخليج، دون أن يدفع العراق أي فوائد عنها ولم يتم معالجتها حتى الآن".
وبيّن أن "أصل هذه الديون يعود إلى ثمانية عشر مليار دولار، تشمل اثني عشر مليار دولار للمملكة العربية السعودية وستة مليارات دولار للكويت، وهي ما يمكن اعتباره ديوناً بناء على الوثائق المقدمة"، مؤكداً أن "المطالبات المتبقية لا يمكن تصنيفها كديون لأنها تشكل خليطاً من عدة مكونات".
وتابع، أن" هذه المكونات تشمل تصدير النفط لصالح العراق من المنطقة المحايدة، حيث اتفقت السعودية مع الكويت لإنتاج ما يعادل مليون وثلاثمائة ألف برميل يومياً وتسويقها لصالح العراق، إضافة إلى تسديد الديون التي على العراق للآخرين أو ضمان العراق اتجاههم، حيث تعهدت السعودية بتعزيز الجدارة الائتمانية لحكومة العراق السابقة.
واردف قائلاً، إن"المكونات تشمل أيضا تجهيز العراق بوسائل مدنية تخدم المجهود الحربي من آليات وناقلات وحديد للمواضع العسكرية، وكانت تعد في حينها تبرعات ودعماً للمجهود الحربي، إلى جانب تقديم تسهيلات في الموانئ السعودية والكويتية وإعفاءات من رسوم الترانسيت، حيث سمحت السعودية بمد أنبوب لتصدير النفط العراقي عبر أراضيها".
ولفت المرسومي إلى أن "العراق لا يرى أن كل هذه المكونات تشكل قروضاً لعدم وجود ما يثبت ذلك، حيث من المحتمل أن تكون هبات أو مساعدات خاصة أن الدافع السياسي كان وراءها، مما أوصل ديون الكويت والسعودية على العراق إلى أربعين ملياراً ونصف المليار دولار".
وأشار إلى "عدم اتخاذ أي إجراء بشأن هذه الديون بسبب عدم موافقة الكويت على التخفيض، رغم أن مجلس محافظي صندوق النقد العربي اتخذ في اجتماعه السابع والعشرين بالكويت عام 2004 بعض التدابير منها منح العراق مدة سماح ممتدة لتسوية ديونه مع الدائنين العرب".
وكشف أن "مجلس الأمة الكويتي طالب الحكومة الكويتية بمبادلة الديون بالاستثمارات"، مشيراً إلى "وجود إشارات على أن هذه الدول رتبت لتسوية الدين في صيغ مماثلة في اتفاقية نادي باريس، إلا أنه لا يوجد على أرض الواقع ما يؤيد ذلك حتى الآن".
وأكد المرسومي أن "إعفاء هذه الديون يحتاج إلى اتفاقات سياسية أكثر من أي شيء آخر، مع العلم أن العراق ملتزم بمبدأ المعاملة بالمثل ضمن اتفاقية نادي باريس الذي لا يسمح للعراق بعقد اتفاقية مع أي دائن بتخفيض الدين بأقل من ثمانين في المائة، وهي من اشتراطات صندوق النقد الدولي لاجراء التخفيض والتي شكلت الإطار العام للسياسات الاقتصادية للدولة بعد عام 2003".
وشدد على أن "الجانب الأكبر من الديون العراقية كان لدول خليجية وبالذات السعودية والكويت، في حين أن جانباً كبيراً من هذه الديون منح تحت باب المساعدات وحول من جانب واحد إلى ديون"، موضحاً أن "الكويت تؤكد امتلاكها وثائق رسمية تبين تحويل تلك الأموال إلى العراق، لكن من وجهة النظر القانونية فإن واقع التحويل لا يكفي لإثبات التزام العراق بإعادة الدفع ما لم تكن شروط التحويل محددة وملزمة".
ودعا المرسومي إلى "ضرورة قيام جهد وطني كبير للدعوة إلى إنشاء محكمة تحكيم تنظر في ما يعرف بالديون البغيضة، والتي تقضي بعدم شرعية الدين الذي لا يستخدم في منفعة الشبل بل في دعم فساد الديكتاتورية"، مؤكداً أن "مثل هذه المحكمة يمكن أن تقرر أي من هذه الديون بغيضة وأيها قانونية، مما سيؤدي إلى إسقاط الأولى التي تشمع معظم الدين العراقي ودفع الديون القانونية التي لا تزيد عن عشرة في المائة، وهو ما سيحرر العراق من ديونه الخارجية".