الديرة - الرمادي
مع استمرار الجدل داخل الإطار التنسيقي بشأن تسمية رئيس الوزراء المقبل، ورغم التصريحات المتكررة عن "قرب الحسم"، إلا أن المفاوضات ما تزال تدور في حلقة مغلقة، وسط مؤشرات واضحة على أن تشكيل الحكومة الجديدة لن يكون يسيراً هذه المرة.
وبحسب مصادر سياسية مطلعة، صرحت لتلفزيون "الديرة"، فإن النقاشات داخل الإطار تشهد حالة من "الاستقطاب غير المسبوق"، في ظل غياب توافق على شخصية واحدة يمكن أن تجمع القوى الشيعية الرئيسية، ما أدى إلى تأخير الاتفاق النهائي الذي كان من المتوقع إنجازه منذ أيام.
وتكشف هذه المصادر أن أربعة أسباب رئيسية تقف وراء هذا التعطيل، بعضها يتعلق بالتوازنات الداخلية داخل الإطار، وبعضها الآخر مرتبط بمتغيرات إقليمية قلبت معادلات التأثير التقليدي.
مرشحان قويان
يشكل التنافس بين رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي العامل الأكثر تأثيراً في تعطيل التفاهمات، إذ يتمتع الاثنان بثقل سياسي واضح داخل الإطار.
وترى شخصيات سياسية أن وجود "مرشحين ثقيلين" رفع سقف التفاوض داخل الإطار، وجعل عملية التنازل شبه مستحيلة، فالسوداني يحظى بدعم واضح من قوى ترى أنه يمثل استقرار المرحلة، فضلا عن الدعم الأميركي، فيما يتمسك المالكي بقوة القرار داخل الإطار، ويعتقد أن عودته لرئاسة الحكومة "حق انتخابي"، فضلا عن التأثير الإيراني ودعمه الواضح له.
في المقابل يبرز سبب آخر يتعلق بطبيعة النتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي وضعت جميع قوى الإطار في مستوى واحد تقريباً من حيث المقاعد والنفوذ داخل البرلمان، هذا التوزيع المتقارب جعل من المستحيل عملياً على أي طرف فرض إرادته أو تقديم مرشحه باعتباره "الخيار الحتمي".
ففي غياب كتلة كبرى داخل الإطار، أصبح الجميع مضطرين للعودة إلى طاولة المفاوضات بشكل متكرر، بحثاً عن صفقة مرضية لمختلف القوى.
وقد أدى هذا الوضع إلى إبطاء اتخاذ القرار، وخلق حالة من "التوازن الهش" الذي يحتاج إلى وقت طويل قبل أن يستقر على صيغة نهائية.
معركة الولاية الثانية
الانقسام الأوسع داخل الإطار اليوم يدور حول بقاء السوداني لولاية ثانية، ففريق يعتقد أن أداءه كان إيجابياً، وأن إعادة تكليفه سيمنح الدولة استقراراً مؤسساتياً ويجنبها الدخول في مرحلة تجريب جديدة.
في المقابل، يرفض فريق آخر بقاءه، معتبرين أن تجديد الولاية سيكرس قوة "غير متوازنة" داخل السلطة التنفيذية، إضافة إلى خلافات حول إدارة بعض الملفات الاقتصادية والسياسية.
وتؤكد مصادر من الإطار أن "المعركة الحقيقية ليست بين المرشحين فقط، بل بين رؤيتين داخل الإطار، وهذا الانقسام جعل التوصل إلى مرشح جديد أمراً شبه مستحيل قبل حسم مصير السوداني".
تراجع التأثير الإيراني
السبب الرابع يتمثل في تراجع النفوذ الإيراني النسبي داخل الملف السياسي العراقي خلال الأشهر الأخيرة، وذلك بسبب التطورات الإقليمية المتلاحقة، بمقدمتها حرب غزة وتداعياتها على لبنان وسوريا، والصدام المباشر الذي استمر 12 يوماً بين إيران وإسرائيل، فضلا عن انشغال طهران بترتيب ملفات داخلية وإقليمية أكثر إلحاحاً.
وبحسب مراقبين، فقد أدى هذا التراجع إلى غياب "الضابط الإقليمي" الذي كان يحسم الخلافات داخل الإطار في السنوات الماضية، ما جعل القوى السياسية الشيعية أمام مسؤولية اتخاذ القرار بنفسها، وهو أمر لم تعتد عليه في المراحل السابقة.
ويشير المراقبون إلى أن "الإطار اعتاد على وجود كلمة مرجحة من خارج الحدود، ومع غياب هذه الكلمة أصبح النقاش مفتوحاً بلا نهاية".