الديرة - الرمادي
يروي الباحث في تاريخ الصحافة، الدكتور مليح صالح شكر، رحلته إلى مدينة عنه في محافظة الأنبار، والتي قضى فيها سنوات طفولته وشبابه، تاركة فيه أثرها الذي انعكس على ثقافته وعلمه واطباعه، بحسب تعبيره.
ويقول شكر في مقالة مطولة يتحدث فيها عن )عنه(، تضمنت :" قضيت في عنه سنوات الطفولة والشباب واكتسبت من أهلها ثقافتَهم وتقاليدَهم وروحَهم الوطنية، ويتخَيَّل البعض أنني عانيٌّ لشدةِ معرفتي بها وبأهلها، ولكني لست عانياً ، وإنما أنا بغداديٌ أصيل".
ويضيف المؤرخ في عالم الصحافة، أنه "في محلة حگون اكتسبتُ عاداتِ أهلها وثقافتَهم وكرمَهم وأخلاقَهم ودرستُ في مدارسها الابتدائية والمتوسطة".
ويتابع أن "عنه مدينة تغفو بين الفرات والجبل وتروي بساتينها من ماء الفرات الذي تنقله النواعير، وفي عنه القديمة كثيرٌ منها، ويستخدم أهلها نوعاً من الزوارق الكبيرة يسمونه ( الشختور )المصنوع من خشب شجر التوت والمطليّ بالقير لكي لا تتسرّب المياه الى داخله ، وكذلك قوارب أصغر للتنقل من وإلى الجزر وعبور أبناء الجزر للالتحاق بمدارسهم يومياً".
ويردف :"شهدت عنه في نضال أهلها الوطني المظاهرات والاضطرابات والاحتجاجات كما هو الحال مع مدن العراق الأخرى".
وبالحديث عن الشخصيات والكفاءات التي ولدت في مدينة عنه يقول شكر إن "المرء يحتار في التعرّف عنهم ، ومنهم سياسيون وعلماء وأطباء وضباط جيش وشرطة ومختصون في كل العلوم والفنون وشعراء وأدباء، منهم في الماضي الشاعر المنتجب العاني المتوفّى عام 400 هجرية ، وحديثاً عشرات الشعراء منهم شفيق الكمالي ورشدي العامل."
وفي مجال المناصب السيادية فقد كان "من عنه شفيق العاني رئيس محكمة تمييز العراق في الستينيات وعارف قفطان النائب عدة مرات في العهد الملكي وناصر الحاني وزير الخارجية الأسبق".
ومن الأطباء العانيين "طارق هليل أخصائي الأمراض الجلدية وحميد العاني أخصائي أمراض القلب وفؤاد شاكر مصطفى أخصائي التخدير ، وكثير غيرهم".
ومن المهندسين رقيب عبد الرزاق القاضي مدير معمل الزجاج في الرمادي وفاروق البندر وكيل وزارة الصناعة وعدنان عبد المجيد وزير الصناعة وهو شقيق القيادي البعثي القديم حمدي عبد المجيد وطاهر توفيق وزير الصناعة ومحمد حمدان الحدو محافظ بغداد وكريم شنتاف وزير الثقافة .
ومن عنه ايضاً الصديق المرحوم خالد هليل العاني خبير الجيولوجيا وعضو أول تشكيلة للجنة الطاقة الذرية العراقية.
وكذلك من عنه الفنان يوسف العاني وكاتب القصة شجاع العاني.
وللحركة الوطنية العراقية نصيب واضح من جيث يؤكد شكري، أن "العانيين بعضهم أصبحوا قادة في الاحزاب السياسية بينهم يوسف زعين رئيس وزراء سوريا حتى 1970 وهو عانيٌّ لكنه من مواليد ألبو كمال، وله شقيق عاني كان يقيم في الأعظمية بينما هو رئيس للوزراء في دمشق".
وفي الخمسينات كانت حكومات العهد الملكي تبعد خصومها الشيوعيين الى عنه ومن بينهم شخص أرمني أسمه سركيسيان الذي كان مطلوباً منه التوقيع يومياً في سجل مركز شرطة السراي لكي يتأكدوا أنه لم يهرب ، واتخذ من التصوير الفوتغرافي مهنة له بواسطة ذلك الصندوق الذي كان يستعمل لالتقاط الصور الشمسية.
ويشير المؤرخ في عالم الصحافة إلى أنه "في عنه وجدت طريقي الى أحد الأحزاب السرية وقضيت في تنظيماته في عنه بعض الوقت ثم انتقلت الى بغداد".