الديرة - الرمادي
في خطوة تعكس أهمية محافظة نينوى في المشهد السياسي العراقي، وصل زعيم حزب تقدم محمد الحلبوسي المحافظة يوم أمس، للوقوف على معاناتها والتحديات التي تواجهها على مختلف المستويات، فيما تأتي هذه الزيارة التي من المقرر أن تستمر ثلاثة أيام في ظل تصاعد الأزمات المحلية وتعقيدات إدارية ألقت بظلالها الثقيلة على الحياة اليومية للمواطنين.
وفي يومها الأول، شهدت الزيارة لقاءات مكثفة عقدها الرئيس الحلبوسي مع وجهاء وشيوخ عشائر المدينة، إلى جانب نواب حزب تقدم عن المحافظة، في مسعى واضح لتعزيز التواصل المباشر مع مختلف شرائح المجتمع الموصلي والوقوف على احتياجاتهم الملحة، وقد اتسمت هذه اللقاءات بالصراحة والمكاشفة، حيث استمع الرئيس الحلبوسي إلى مطالب وهموم المواطنين، ونقل رؤيته لمعالجة التحديات التي تواجهها المحافظة.
ويأتي هذا التحرك في توقيت وصفه مراقبون بأنه "بالغ الحساسية"، حيث تشهد نينوى استقطاباً سياسياً حاداً وتنافساً محموماً بين القوى السياسية للحصول على تمثيل أوسع في المشهد السياسي، في حين تبدو المحافظة بأمس الحاجة إلى صوت موحد وقوي يمثلها في بغداد، خاصة بعد سنوات من التهميش والمعاناة.
أزمات متشعبة
تتعدد الأزمات التي تواجه محافظة نينوى وتتشابك خيوطها، مما جعلها تعيش في دوامة من التحديات التي يصعب تجاوزها دون رؤية استراتيجية شاملة ودعم حكومي مركزي، ويأتي في مقدمة هذه الأزمات الاستقطاب السياسي الحاد الذي أدى إلى انقسامات عميقة انعكست بشكل مباشر على أداء المؤسسات الحكومية المحلية.
وبحسب سياسي بارز من محافظة نينوى، فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن "الخلافات بين الكتل السياسية المكونة لمجلس المحافظة أدت إلى تعطيل أعماله بشكل شبه كامل، مما أثر سلباً على الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين، وزاد من تفاقم الوضع تداخل الصلاحيات بين الحكومة المحلية والسلطات الاتحادية، الأمر الذي أدى إلى تباطؤ عملية إعادة الإعمار وعودة النازحين".
ويقول السياسي البارز في حديث خص به تلفزيون "الديرة"، إن "اليوم الأول من زيارة الرئيس الحلبوسي، شهدت سلسلة من اللقاءات المكثفة مع شخصيات سياسية وأمنية واجتماعية ودينية، تناولت بشكل مفصل التحديات التي تواجهها المحافظة"، مبينا أن "الرئيس الحلبوسي شدد خلال هذه اللقاءات على ضرورة تجاوز الخلافات السياسية وتركيز الجهود على تحسين واقع المحافظة"، داعياً مختلف الأطراف إلى "توحيد الصفوف لإنهاء معاناة المواطنين".
نينوى تختار تقدم
يعتمد حزب تقدم بزعامة الرئيس محمد الحلبوسي على قاعدة جماهيرية واسعة ونفوذ متزايد في محافظة نينوى، حيث أصبح أبرز القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة في المشهد المحلي، فيما يسعى الحزب إلى تقديم نفسه كخيار أول للمحافظة، مستفيداً من سجله في تنفيذ المشاريع الخدمية وجهود الإعمار التي قام بها سابقا في المحافظة.
وخلال لقاءاته مع وجهاء وشيوخ عشائر المدينة، أكد الرئيس الحلبوسي أن نواب تقدم عن المحافظة سيكونون "صوت نينوى الحقيقي" في البرلمان العراقي، وسيعملون على نقل معاناة أهلها إلى صناع القرار في بغداد.
وفي ظل التشتت السياسي الذي عانت منه المحافظة على مدى سنوات، برزت رغبة شعبية متنامية في أن يكون لنينوى صوت موحد ومؤثر في العاصمة.
ويرى مراقبون أن وجود حزب تقدم كقوة برلمانية وازنة يمثل عامل جذب لشريحة واسعة من سكان المحافظة، باعتبار أن ذلك سيسهم في زيادة التخصيصات المالية للمحافظة وتعزيز نفوذها السياسي في الحكومة المركزية.
ويشير المراقبون إلى أن اهتمام حزب تقدم يحظى بشعبية كبيرة في ننيوى ومن الممكن أن يوسع دائرة نفوذه خلال الانتخابات النيابية المقبلة، في ظل الاهتمام الكبير الذي يقدمه نواب تقدم عن المحافظة إلى الأهالي وتواصلهم المستمر لحل مشكلاتهم وتلبية احتياجاتهم.
رؤية متكاملة
تجاوز الانقسامات السياسية التي تشهدها المحافظة، كانت على رأس الأولويات التي ناقشها الرئيس الحلبوسي خلال لقاءاته مع مختلف الشخصيات في نينوى مع الدعوة لضرورة العمل بروح الفريق الواحد من أجل تحقيق تطلعات المواطنين في حياة كريمة وخدمات أفضل.
وتشير مصادر خاصة لتلفزيون "الديرة" إلى أن "الرئيس الحلبوسي قدم خلال لقاءاته رؤية متكاملة لمعالجة الأزمات المتشعبة في نينوى، تقوم على تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف السياسية وتفعيل دور مؤسسات الدولة في المحافظة".
وتوضح المصادر أن "اللقاء شهدا أيضا التأكيد على أهمية تفعيل الرقابة على الأداء الحكومي وضمان شفافية الإنفاق العام، بما يكفل توجيه الموارد نحو احتياجات المواطنين الحقيقية".
ويرى الباحث بالشأن السياسي، أحمد الجبوري، أن الموصل تبقى تتطلع إلى تمثيل سياسي حقيقي ينصفها بعد سنوات من التهميش والإهمال، مبينا أن حزب تقدم بقيادة الرئيس الحلبوسي يسعى جاهداً لملء هذا الفراغ، مستفيداً من حالة الاستقطاب السياسي الراهنة وتطلعات المواطنين إلى تحسين ظروفهم المعيشية.
ويشير الجبوري في حديث خص به تلفزيون "الديرة"، إلى أن "زيارة الرئيس الحلبوسي إلى نينوى تبقى محطة مهمة لمعالجة الأزمات المتراكمة التي أثقلت كاهل المواطنين على مدى سنوات من المعاناة".