آخر الأخبار


سوريا الشرع: اردوغان يتراجع أمام بن سلمان.. وصمت قطري!

  • A+
  • A-

الديرة -  سوريا


 

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أمس الثلاثاء من العاصمة السعودية الرياض قراره برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، معبراً عن رغبته في منح البلاد "فرصة للوصول إلى العظمة"، في خطوة تعتبر الأبرز على الساحة السورية منذ سنوات.

 

تشير الدلائل إلى أن المملكة العربية السعودية نجحت في فرض نفسها كلاعب رئيسي في الملف السوري على حساب الهيمنة التركية، فيما يتساءل مراقبون: كيف استطاعت الرياض تحقيق هذا الاختراق رغم الوجود العسكري التركي القوي في شمال سوريا وسيطرة أنقرة على الفصائل المنضوية تحت لواء هيئة تحرير الشام؟

 

تحول أمريكي

يرى الدكتور عبد القادر عزوز، أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق، أن تصريحات ترمب ومبادراته خلال المنتدى الاقتصادي السعودي الأمريكي ولقاءاته مع قادة خليجيين والرئيس السوري، تعكس توجهاً واضحاً لتطبيق شعار "أمريكا أولاً" من خلال تقليل التدخل العسكري المباشر في المنطقة.

 

وأوضح عزوز في تصريح خاص لتلفزيون "الديرة"، أن "سياسة ترمب تعتمد على تعزيز أدوات القوة الناعمة والذكية، مثل التنمية الاقتصادية وإحلال السلام، انسجاماً مع خلفيته التجارية وإيمانه بمنطق الصفقات وحماية المصالح".

 

وأضاف أن "المرحلة المقبلة ستشهد تركيزاً على التنمية والازدهار كبديل عن النهج العسكري".

 

فيما أشاد عزوز بدور السعودية في اقناع ترمب برفع العقوبات عن دمشق، لكنه حذر من معارضة محتملة من إسرائيل، التي قد ترى في ازدهار المنطقة تهديداً لمشروعها التوسعي.

 

تنافس سعودي - تركي 

 

تشير المعطيات إلى أن المملكة العربية السعودية نجحت في فرض نفسها كلاعب رئيسي في الملف السوري، متجاوزة النفوذ التركي الذي بدأ بالتراجع رغم وجوده العسكري وسيطرته على بعض الفصائل المسلحة المنضوية تحت راية "هيئة تحرير الشام".

 

وفي هذا السياق، يقول العميد بهاء حلّال، الخبير العسكري والسياسي اللبناني، إن "الأزمة السورية حوّلت التنافس السعودي التركي إلى صراع تكتيكي للهيمنة على البلد الجيوستراتيجي"، مضيفاً أن "الخلافات العقائدية والمصلحية بين البلدين تُترجم بشكل دائم إلى صراع سياسي علني أو مُقنّع".

وبينما يضطر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إعادة حساباته في ظل هذه المتغيرات، تلتزم قطر، الحليف التقليدي لتركيا، الصمت إزاء هذه التطورات، في مؤشر قد يعكس تحولاً في خارطة التحالفات الإقليمية.

وبيّن العميد حلال في تصريح خاص لتلفزيون "الديرة"، أن "الرياض سعت منذ وصول الشرع لتعزيز دورها في سوريا، متجاوزة أنقرة والدوحة، بينما تحاول احتواء تركيا عبر سياسات استقطاب، في إطار سعي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتحقيق هيمنة اقتصادية وسياسية بدعم أميركي، مستغلاً رفع العقوبات عن دمشق كأداة ضغط اقتصادية".

 

وأشار حلال إلى أن "التنافس بين الطرفين يمتد إلى قيادة العالم الإسلامي والشرق الأوسط، حيث تسيطر أنقرة استراتيجياً على الملف السوري، بينما تحقق الرياض تأثيراً تكتيكياً عبر أدوات دبلوماسية واقتصادية"، مؤكداً أن "التوازن الحالي مرهون باستمرار المرحلة الانتقالية في سوريا، وأن الصراع على الزعامة الإقليمية سيستمر بوتائر متفاوتة".

 

 آثار اقتصادية واضحة

 

منذ الإعلان عن رفع العقوبات، شهدت العملة السورية انتعاشاً ملحوظاً، حيث استعادت الليرة السورية قرابة 20% من قيمتها، مما أعطى دفعة قوية للاقتصاد السوري المنهك.

 

ويقول الخبير الاقتصادي مالك الحافظ، في تصريح خاص لتلفزيون "الديرة"، إن "رفع العقوبات يمثل فرصة ذهبية للاقتصاد السوري للتعافي، لكن الأمر يتطلب إصلاحات هيكلية عميقة وإعادة إعمار واسعة النطاق، وهو ما لا يمكن تحقيقه دون استقرار سياسي وأمني مستدام".

 

ويثير الحافظ تساؤلات حول قدرة الحكومة السورية على استثمار هذه الفرصة، خاصة في ظل تنافس القوى الإقليمية على النفوذ والمصالح الاقتصادية في عملية إعادة الإعمار المرتقبة.

 

بالمقابل عبر المواطنون السوريون عن فرحتهم بقرار رفع العقوبات من خلال مسيرات انطلقت في مدينة حمص وغيرها من المدن السورية، رافعين العلم السعودي جنباً إلى جنب مع العلم السوري، في تعبير واضح عن الامتنان للدور السعودي.

 

ويقول معتز هويدي، أحد المواطنين: "الشعب السوري يعلق آمالاً كبيرة على هذه الخطوة، لكنه أيضاً يخشى أن تتحول سوريا إلى ساحة جديدة للصراع الإقليمي بين القوى المتنافسة، خاصة السعودية وتركيا".

 

ويرى مراقبون إن أعين الشارع السوري تبقى متجهة نحو الرياض، التي باتت تمسك بخيوط المشهد السوري، متسائلة عما إذا كانت المملكة ستتمكن من تقديم نموذج مختلف للتعامل مع الأزمة السورية يحقق الاستقرار والازدهار المنشود، أم أن سوريا ستظل ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية.