آخر الأخبار


تلفزيون "الديرة" يستعرض "السجل الأسود" لخروقات كردستان الدستورية الخطيرة

  • A+
  • A-

 الديرة -  الرمادي 

 

تصاعدت الأزمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان إلى مستويات خطيرة، عقب امتناع بغداد عن إرسال رواتب موظفي الإقليم، في خطوة تأديبية مبررة بعدم التزام أربيل بتسديد مستحقات النفط للخزينة الاتحادية، وسط استمرار الإقليم في انتهاج سياسة العناد وخرق الالتزامات الدستورية.

 

وفيما تحاول حكومة كردستان تبرير موقفها بادعاءات حول حقوق الموظفين، تكشف الوقائع عن سلسلة طويلة من الانتهاكات الدستورية الخطيرة التي ترتكبها السلطات الكردية، والتي تهدد بتقويض أسس الدولة العراقية الموحدة.

 

وفي هذا التوقيت الحرج، برزت مبادرة رئيس حزب تقدم الرئيس محمد الحلبوسي كشعاع أمل لحل هذه الأزمة المتجذرة، حيث طرح ثلاثة حلول جذرية وعملية لإنهاء الخلاف المدمر بين المركز والإقليم.

 

وكتب الرئيس الحلبوسي في تغريدة قائلا: "سيستمر هذا الخلاف المتصاعد والمتكرر بين حكومة أربيل والحكومات الاتحادية المتعاقبة واللاحقة إذا لم يُحلّ من جذوره"، مؤكداً أن "الحل الحقيقي يكمن في العودة إلى روح الدستور وحرفيته".

 

وأضاف "من منطلق المسؤولية السياسية والشعبية والحرص على استقرار البلاد وإعطاء لكلِّ ذي حقٍّ حقَّه في كافة أنحاء العراق، نرى أن الحلَّ يكمن باتفاق والتزام الجميع بالخطوات التكاملية".

 

رؤية الرئيس الحلبوسي لإنقاذ الموقف 

 

تتميز مبادرة الرئيس الحلبوسي بالواقعية والوضوح، حيث تضع النقاط على الحروف في ثلاث خطوات تكاملية محكمة:

 

الخطوة الأولى: إعادة السيادة الكاملة للحكومة الاتحادية على الثروات الطبيعية، بحيث يصبح استخراج واستخدام وتسويق وتصدير النفط والغاز والثروات الطبيعية من صلاحية واختصاص بغداد حصراً، وهو ما يتماشى مع النصوص الدستورية الواضحة.

 

الخطوة الثانية: استعادة السيطرة الاتحادية الكاملة على الحدود والمنافذ، من خلال جعل إدارة وحماية الحدود والمنافذ وفرض الرسوم والتعرفة الكمركية من اختصاص الحكومة الاتحادية حصراً، مع تحميلها المسؤولية الكاملة لمنع التهريب المدمر للاقتصاد العراقي.

 

الخطوة الثالثة: ضمان العدالة في توزيع الثروة، بحيث تتحمل الحكومة الاتحادية نفقات الشعب العراقي كاملة، وتوزع التخصيصات المالية وفقاً للتمثيل السكاني بعدالة، مع منح نسبة عادلة للمحافظات المنتجة والمحافظات التي تضم منافذ حدودية.

 

وختم الرئيس الحلبوسي مبادرته الحكيمة بعبارة بليغة: "من يبتغي العدالة عليه الالتزام بالنقاط أعلاه وتطبيقها"، في رسالة واضحة لحكومة كردستان بضرورة الالتزام بالدستور أو تحمل عواقب العناد.

 

سجل كردي أسود 

 

تكشف المراجعة الدقيقة لسلوك حكومة إقليم كردستان عن نمط مقلق من الانتهاكات الدستورية الجسيمة، التي تؤكد أن الأزمة الحالية ليست مجرد خلاف إداري، بل صراع حول مفهوم الدولة الموحدة ذاتها.

 

استفتاء الانفصال المدمر: يقف استفتاء الانفصال الذي أجرته حكومة الإقليم على رأس قائمة الخروقات الدستورية، حيث شكّل ضربة مباشرة ومتعمدة لكل مواد الدستور العراقي وروحه، في تحدٍ صارخ لسيادة الدولة العراقية.

 

التسليح المستقل الخطير: تواصل حكومة كردستان إبرام تعاقدات مستقلة على الأسلحة دون الرجوع إلى بغداد، في انتهاك فاضح للدستور الذي ينص بوضوح على أن التسليح من صلاحيات الحكومة الاتحادية حصرياً، ما يثير تساؤلات خطيرة حول النوايا الحقيقية للإقليم.

 

دبلوماسية موازية مدمرة: تتمادى حكومة الإقليم في فتح قنصليات كردية في الخارج والتصرف كدولة مستقلة في الشؤون الخارجية، رغم أن الدستور يحصر السياسة الخارجية العراقية ببغداد، في سلوك يهدد وحدة التمثيل الدبلوماسي للعراق.

 

فساد الرواتب الوهمية: ترفض حكومة كردستان تقديم بيانات شفافة حول أعداد الموظفين ورواتبهم، وسط اتهامات مؤكدة بالمبالغة في الأرقام واستغلال الأموال في عمليات مضاربة مدمرة.

 

نهب النفط المنظم: تستمر حكومة كردستان في تهريب وتصدير النفط دون تنسيق مع الحكومة الاتحادية، في انتهاك صارخ لمبدأ ملكية الثروات الطبيعية للشعب العراقي ككل، هذا السلوك المدمر يطرح سؤالاً خطيراً: ما الذي يمنع محافظات أخرى مثل البصرة من اتخاذ نفس الخطوة المدمرة؟

 

وفي السياق ذاته، يلف الغموض المريب ملف الآبار القديمة والجديدة في كردستان، حيث ترفض حكومة الإقليم تقديم أي شفافية أو توضيحات، بل تتعامل مع هذا الملف الحيوي بمنظور المصالح الحزبية الضيقة، رافضة الإجابة على استفسارات الجهات الرقابية والخبراء، فيما يواصل الإقليم تهريب كميات ضخمة من النفط تصل إلى مئات آلاف البراميل يومياً عبر تركيا إلى إسرائيل ودول أخرى، في جريمة اقتصادية منظمة أضرت بسوق النفط الدولية وتسببت في تراجع حصة العراق التي اقرتها أوبك.

 

وتتمادى حكومة الإقليم في اعتماد عقود المشاركة المخالفة للدستور، بدلاً من عقود الخدمة المعتمدة من قبل بغداد، في سلوك لا يشكل مخالفة فحسب، بل جناية دستورية كاملة.

 

في المقابل، تلتزم محافظات عراقية كبيرة ومؤثرة مثل البصرة والأنبار بحرفية القانون في إدارة الموارد والمنافذ، ما يفضح السلوك الاستثنائي المدمر لحكومة الإقليم التي تتصرف كأنها خارج نطاق الدولة العراقية.

 

وتبرز حكمة مبادرة الرئيس الحلبوسي في دعوتها لحل عقلاني مبني على الوقائع، بعيداً عن الشعارات الطائفية والضغوط الخارجية المدمرة، فالعراق لا يستطيع تحمل إدارة النفط بشكل فوضوي، ولا يملك رفاهية ترك كل طرف يبيع نفطه كما يشاء.

 

ويرى مراقبون أن ما تطلبه الحكومة الاتحادية من كردستان ليس سوى الالتزام بما تلتزم به بقية المحافظات العراقية، من شفافية في البيانات واحترام للقوانين الاتحادية وتوزيع عادل للعائدات وفقاً للنسبة السكانية والاحتياج الفعلي، وليس حسب الأهواء والمزاج السياسي.

 

ويضيف المراقبون أن السلطات الكردية لم يعد أمامها إلا خيارات واضحة: إما الالتزام بالدستور العراقي والعودة إلى الحضن الوطني، أو تحمل عواقب الاستمرار في السياسات المنفردة المدمرة التي تهدد وحدة العراق واستقراره، ولا يمكن لأربيل أن تواصل توجيه اتهامات التسلط والدكتاتورية للحكومة الاتحادية كلما واجهت تساؤلات دستورية مشروعة حول سلوكها المدمر.