الديرة - خاص
يمر المشهد السياسي مرحلة تحول عميقة تتداخل فيها التحديات مع فرص إعادة صياغة التوازنات الوطنية، وفي خضم هذا الحراك يبرز حزب "تقدم" بزعامة الرئيس محمد الحلبوسي بوصفه أحد أهم الفاعلين الذين أعادوا تعريف طبيعة المرجعية السياسية داخل المكون السني، فلم يعد الدور مقتصراً على التمثيل التقليدي أو المطالبة الجزئية بالحقوق، بل باتت الزعامة هنا تعبيراً عن مشروع سياسي متكامل يسعى إلى ترسيخ الهوية الوطنية الجامعة، مع ضمان الدفاع عن الحقوق المشروعة لهذا المكون ضمن الإطار الدستوري والسيادة الكاملة للدولة العراقية.
ومن خلال هذا النموذج، يقدم الرئيس الحلبوسي وحزبه صورة جديدة للقيادة السنية، تتسم بالوعي السياسي والقدرة على التوفيق بين متطلبات الشراكة الوطنية ومقتضيات الحفاظ على التوازنات الداخلية، الأمر الذي يمنح "تقدم" موقعاً محورياً في رسم معالم المرحلة المقبلة وإعادة إنتاج مفهوم الزعامة السياسية في العراق
الزعامة الواعية
يمثل الرئيس الحلبوسي نموذجاً متطوراً للزعامة السياسية التي تتجاوز الخطابات الطائفية التقليدية إلى فضاء أوسع من الممارسة السياسية المسؤولة، إذ أن هذه الزعامة لا تكتفي بالمطالبة بالحقوق، بل تسعى إلى تحقيقها من خلال آليات دستورية وسياسية تعزز من وحدة النسيج العراقي.
ويرى الباحث بالشأن السياسي، محمد العبيدي، أن قدرة الرئيس الحلبوسي على الموازنة بين تمثيل تطلعات جمهوره السني والحفاظ على الثوابت الوطنية العراقية تجعل منه رمزاً للزعامة الواعية التي يحتاجها العراق في هذه المرحلة الحساسة.
ويقول العبيدي في حديث خص به تلفزيون "الديرة"، أن "هذه الزعامة تتجلى في قدرته على قراءة المشهد السياسي بعمق، وفهم متطلبات اللحظة التاريخية، والتحرك وفق استراتيجية واضحة تهدف إلى تعزيز مكانة المكون السني ضمن الدولة العراقية، وليس خارجها أو ضدها".
ويضيف أن "هذا التوجه يعكس نضجاً سياسياً يميز قيادة حزب "تقدم" عن غيرها من التيارات التي قد تنزلق إلى مربعات الانكفاء أو المواجهة العقيمة.
الدولة الموحدة
تشكل المرجعية السياسية السنية التي يمثلها حزب "تقدم" بوابة حقيقية لاندماج مكون كامل في مفهوم الدولة الموحدة.
وفي هذا الشأن يوضح سعيد الحمداني، أن هذا الاندماج لا يعني الذوبان أو التنازل عن الخصوصيات، بل يعني المشاركة الفعالة والمؤثرة في بناء العراق الجديد على أسس المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية.
ويقول الحمداني في حديث خاص لتلفزيون "الديرة"، إن "نجاح هذا المشروع يعتمد على قدرة المرجعية السياسية السنية على تحويل الشعور بالتهميش إلى طاقة إيجابية للبناء والإعمار، وعلى تحويل المظلومية إلى مشروع سياسي متكامل يسهم في تطوير العراق وتقدمه".
ويلفت إلى أن "هذا التحول يتطلب رؤية استراتيجية واضحة وقيادة حكيمة قادرة على إدارة التوقعات وترجمة الآمال إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع".
الخيارات الواقعية
في ظل تنامي الأصوات التي تروج لمشاريع التقسيم والانفصال، تقدم المرجعية السياسية التي يمثلها حزب "تقدم" البديل الموضوعي والعملي لهذه المشاريع الهدامة.
ويؤكد مسؤول مخول في حزب "تقدم"، أن "الرهان على الدولة العراقية الموحدة والعمل على إصلاحها من الداخل يمثل الخيار الأكثر واقعية وحكمة، خاصة في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تواجه المنطقة".
ويبن المصدر المخول في حديث خاص لتلفزيون "الديرة"، أن "الرئيس الحلبوسي والحزب يدرك أن قوة المكون السني تكمن في قدرته على أن يكون جزءاً فعالاً من الحل العراقي، وليس جزءاً من المشكلة، هذا الإدراك ينعكس في التحركات السياسية والمواقف العملية التي يتخذها الحزب، والتي تهدف إلى تعزيز الاستقرار وبناء الثقة مع مختلف المكونات العراقية".
ويلفت إلى أن "تأثير هذه الزعامة الواعية يتجلى في اتجاهين أساسيين: الأول هو ترسيخ القناعة لدى الجمهور السني في مختلف المحافظات بوجود مشروع سياسي حقيقي يدافع عن حقوقهم ويتبنى قضاياهم ضمن الإطار الدستوري، والثاني هو تزايد القناعة لدى الشركاء السياسيين بأن حزب "تقدم" يمثل الممثل الشرعي الوحيد للمكون السني سياسياً في العراق".