آخر الأخبار


فشل جديد بطله وزارة التربية: قاعات امتحانية كـ"الجحيم" وطلاب يختنقون بـ"صمت"

  • A+
  • A-

 الديرة -  الرمادي

 

شهدت مراكز الامتحانات العامة للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة أزمة حقيقية تهدد مستقبل الطلاب التعليمي، حيث فشلت وزارة التربية في التنسيق مع وزارة الكهرباء لضمان استمرارية التيار الكهربائي خلال فترات الامتحانات الحاسمة، وفي مفارقة غريبة، نجحت نفس الوزارة في التنسيق مع وزارة الاتصالات لقطع خدمة الإنترنت، مما يطرح تساؤلات جدية حول أولويات الوزارة وكفاءة إدارتها.

 

يأتي هذا الفشل الجديد ليضاف إلى سجل حافل بالإخفاقات المتتالية لوزارة التربية، والتي تكررت عاماً بعد عام دون حلول جذرية، بدءاً من أزمة توفير المناهج الدراسية وصولاً إلى الظروف اللاإنسانية التي يواجهها الطلاب في قاعات الامتحانات.

 

معاناة لا تُحتمل

 

تحولت قاعات الامتحانات في مختلف المحافظات إلى أماكن لا تُطاق بسبب انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة القاسية، ففي محافظة ذي قار، تعالت الاستغاثات من ناحية قلعة سكر حيث يعاني الطلاب والكوادر التربوية من انقطاع التيار الكهربائي أثناء الامتحانات، مما زاد من معاناتهم بشكل مضاعف.

 

وفي ناحية العكيكة، وصلت الأوضاع إلى حد وصفه مدير إحدى المدارس بـ"الكارثي"، حيث أصيب العديد من طلاب الصف الثالث المتوسط بحالات إغماء وهبوط نتيجة الحر الشديد في قاعات غير مكيفة خلال امتحانات تستمر لثلاث ساعات متواصلة، فيما اضطر مدير مدرسة أمل الأجيال بالتعاون مع المشرف التربوي إلى توفير تيار كهربائي بديل من إمكانياته الخاصة، بينما تبقى أربعة مراكز امتحانية أخرى دون حلول.

 

أما في محافظة البصرة، فقد وصفت مديرة متوسطة الهادي الثانية الوضع بأنه "كارثي"، حيث تُجبر المعلمات على تصحيح الدفاتر في غرف مظلمة تحت ضوء خافت أو في ساحات المدرسة تحت أشعة الشمس الحارقة، بينما تذوب أوراق الإجابات تحت وطأة الحر الشديد، والطالبات يؤدين الاختبارات في قاعات خانقة بلا مراوح أو أجهزة تبريد.

 

 

تساؤلات محرجة

 

تطرح هذه الأزمة تساؤلات محرجة حول منطق عمل وزارة التربية وترتيب أولوياتها، فبينما نجحت الوزارة في التنسيق السريع والفعال مع وزارة الاتصالات لقطع خدمة الإنترنت خلال فترة الامتحانات لمنع الغش، فشلت فشلاً ذريعاً في التنسيق مع وزارة الكهرباء لضمان استمرارية التيار الكهربائي في نفس الفترة.

 

هذا التناقض يكشف عن خلل جوهري في إدارة الوزارة وفهمها لاحتياجات الطلاب الأساسية، فكيف يُعقل أن تكون الوزارة قادرة على تنفيذ إجراءات معقدة لقطع الاتصالات، بينما تعجز عن توفير أبسط الخدمات الأساسية كالكهرباء والتهوية؟

 

تحرى تلفزيون "الديرة" واقع المدارس الأخرى في مختلف المحافظات، اتضح أن المدارس التي تمتلك محولات كهربائية وخطوط بديلة تبقى عاجزة عن حل المشكلة بسبب عدم استقرار الشبكة العامة، مما يجعل الحلول مؤقتة وغير مجدية، وهذا ما يستدعي تدخلاً حكومياً منسقاً على أعلى المستويات، وليس مجرد مبادرات فردية من المدارس.

 

 

دعوات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

 

أمام هذا الواقع المرير، تتعالى الأصوات التربوية والمجتمعية للمطالبة بحلول عاجلة وعملية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الامتحانات المتبقية، وقد قدمت التربوية زينب علي الكناني، التي شهدت عن كثب معاناة الطلاب، مجموعة من الحلول الفورية والعملية التي يمكن تطبيقها دون تعقيدات بيروقراطية.

 

الكناني قالت في منشور على صفحتها في "فيسبوك"، إن "هذه الحلول تتضمن توفير مولدات كهربائية احتياطية في جميع قاعات الامتحانات، وإعداد خطط طوارئ واضحة للتعامل مع انقطاع التيار، بالإضافة إلى ضمان توفير المياه الكافية والباردة للطلاب، كما تشمل تحسين أنظمة التهوية وتعيين مسؤولي طوارئ في كل قاعة، والتنسيق المسبق مع الجهات المعنية لضمان استقرار الخدمات الأساسية".

 

وأضافت أن "هذه الحلول ليست معقدة أو مكلفة بشكل مفرط، ولكنها تتطلب إرادة حقيقية من وزارة التربية للاعتراف بحجم المشكلة واتخاذ خطوات جدية لحلها، فالطلاب الذين قضوا ليالي طويلة في الدراسة والتحضير يستحقون بيئة امتحانية عادلة ومجهزة توفر لهم أفضل الظروف لتحقيق النجاح".

 

واشارت الكناني إلى إن "استمرار هذه الأوضاع اللاإنسانية لا يقوض فقط مبدأ تكافؤ الفرص في النظام التعليمي، بل يهدد مستقبل جيل كامل من الطلاب العراقيين الذين يحملون آمالاً كبيرة في التعليم كسبيل للنهوض بوطنهم، وآن الأوان أن تدرك الجهات المسؤولة حجم الكارثة التي تتسبب بها هذه الإخفاقات المتكررة، وأن تتحرك بجدية لوضع حد نهائي لهذه المعاناة".