الديرة - الرمادي
شهدت امتحانات الصف الثالث المتوسط للعام الدراسي 2025 موجة جديدة من الانتقادات والاعتراضات الواسعة، بعد أن كشفت أسئلة امتحان مادة الفيزياء هذا اليوم، عن خلل تقني وإداري خطير تمثل في عدم تحديد وتوزيع درجات الأسئلة وفروعها، مما خلق حالة من الإرباك والتخبط بين آلاف الطلبة في جميع محافظات العراق.
وتأتي هذه الأزمة المستجدة في أعقاب الجدل الواسع الذي أثارته أسئلة امتحان مادة الكيمياء، والتي وصفها الكثيرون بأنها "كارثة تعليمية" أدت إلى موجة عارمة من الانتقادات على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية المختلفة.
وبدلاً من معالجة الأخطاء السابقة واستخلاص الدروس منها، فإن تكرار المشكلات والإخفاقات في امتحان الفيزياء يشير بوضوح إلى وجود خلل هيكلي عميق ومزمن في منظومة الامتحانات الوزارية، الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول مدى كفاءة الإدارة التعليمية في البلاد.
وأفاد طلبة من مختلف المحافظات العراقية بأن ورقة امتحان الفيزياء افتقرت إلى أبسط المعايير الأساسية لأي اختبار رسمي، حيث رصدت عدة أخطاء فادحة شكلت صدمة حقيقية للطلبة، فقد غابت تماماً الدرجات المخصصة لكل سؤال أو فرع من فروع الأسئلة، وعدم توضيح القيمة النقطية لكل جزء من أجزاء السؤال الواحد، مما جعل الطلبة في حيرة تامة حول كيفية توزيع جهدهم ووقتهم بشكل مناسب، كما عانت الورقة من عدم تنظيم الأسئلة بشكل واضح ومنسق، حيث ظهرت الأسئلة غير مرتبة بشكل منطقي وافتقرت إلى عناوين فرعية واضحة تساعد الطلبة على التنقل بين أجزاء الامتحان بسهولة.
وأضاف الطلبة أن بعض الأسئلة تطلبت توضيحاً أكثر حول المطلوب تحديداً، خاصة في الأسئلة التي تتطلب حسابات دقيقة أو شرحاً مفصلاً للمفاهيم الفيزيائية، بينما غابت المعايير الواضحة لتصحيح الإجابات مما زاد من قلق الطلبة حول طريقة تقييم أدائهم.
وقد أدى هذا التخبط والفوضى في تنظيم الأسئلة إلى عدم تمكن الطلبة من تحديد الأسئلة الأكثر أهمية من ناحية الدرجات، مما أثر سلباً وبشكل مباشر على استراتيجية الإجابة التي اعتمدوها وعلى ثقتهم في أدائهم العام.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي موجة غضب واستياء عارمة، حيث عبر أولياء الأمور عن قلقهم البالغ وخوفهم الشديد من تأثير هذه الفوضى العارمة على مستقبل أبنائهم الأكاديمي والمهني.
وقد تساءل العديد منهم عن كيفية مطالبة الطلبة بالإجابة على أسئلة دون معرفة قيمتها النقطية، معتبرين ذلك ظلماً واضحاً وإجحافاً بحق أبنائهم، من جهتهم، أعرب الطلبة عن شعورهم العميق بالإحباط والقلق والتوتر، مؤكدين أن هذه الأخطاء المتكررة تضعهم في موقف لا يُحسدون عليه، خاصة وأن نتائج هذه الامتحانات ستحدد بشكل مباشر مسارهم التعليمي المستقبلي.
وتتزايد المطالب الشعبية والأكاديمية بضرورة محاسبة وزارة التربية بشكل عاجل وفوري، كونها المسؤول الأول لهذه الأزمة المتفاقمة والمتصاعدة يوماً بعد يوم.
ويطالب النشطاء والمهتمون بالشأن التعليمي والتربوي بإعادة النظر الجذرية في آلية وضع الامتحانات وضمان مراجعتها الدقيقة من قبل لجان متخصصة ومؤهلة قبل التوزيع على الطلبة، إلى جانب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للوقوف على الأسباب الحقيقية وراء تكرار هذه الأخطاء الفادحة وتحديد المسؤوليات بوضوح.
ولا تقتصر آثار هذه الأزمة المدمرة على الطلبة وأولياء الأمور فحسب، بل تمتد لتشمل فقدان الثقة المتزايد في المنظومة التعليمية برمتها، حيث تتراجع ثقة المجتمع في قدرة الوزارة على إدارة العملية التعليمية بكفاءة ومهنية، كما قد يعاني الطلبة من تأثير نفسي سلبي طويل المدى، حيث يمكن أن يطورا قلقاً مستمراً وفقداناً للثقة في قدراتهم الذاتية نتيجة هذا التخبط والفوضى المستمرة. إن هذه الأخطاء المتكررة والمنهجية تشكل تهديداً حقيقياً وخطيراً لجودة التعليم في العراق، وقد تؤدي إلى تدهور مستوى التعليم مقارنة بالمعايير الإقليمية والدولية المعتمدة.