الديرة - متابعات
مع اشتداد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل، عادت قاعدة “عين الأسد” الجوية في غرب الأنبار إلى الواجهة بوصفها واحدة من أبرز القواعد التي قد تتأثر بشكل مباشر بتداعيات النزاع الإقليمي، خصوصًا في ظل الوجود العسكري الأمريكي فيها.
تُعد القاعدة من أضخم المنشآت العسكرية في العراق، وقد أنشئت في ثمانينيات القرن الماضي خلال الحرب العراقية–الإيرانية، باسم “قاعدة القادسية”، ثم تغيّر اسمها إلى “عين الأسد” بعد الغزو الأمريكي عام 2003. تغطي القاعدة أكثر من 30 كيلومترًا مربعًا، وتضم مدارج للطائرات وملاجئ محصنة، ومرافق متقدمة، ما جعلها مركزًا رئيسيًا لتمركز القوات الأمريكية والتحالف الدولي في الحرب ضد داعش.
وعلى مدى السنوات الماضية، كانت القاعدة هدفًا متكرراً لهجمات صاروخية ومسيرات مفخخة من قبل فصائل مسلحة مدعومة من إيران، أبرزها الضربة الباليستية الإيرانية في يناير 2020 ردًا على مقتل قاسم سليماني، والتي أسفرت عن إصابات في صفوف القوات الأمريكية.
تصاعد المخاوف مع اندلاع الحرب بين إيران وإسرائيل
في 14 حزيران 2025، تحوّل التوتر المزمن بين إيران وإسرائيل إلى مواجهة عسكرية مباشرة شملت قصفاً جوياً وصاروخياً متبادلاً. هذا التصعيد غير المسبوق فتح الباب أمام توسّع رقعة الحرب، لا سيما مع دخول أطراف إقليمية على خط المواجهة.
ومع تأييد الولايات المتحدة – سواء بشكل مباشر أو غير مباشر – للجانب الإسرائيلي، بات الوجود الأمريكي في العراق جزءاً من معادلة الاشتباك المفتوح. وتحديدًا، أصبحت قاعدة عين الأسد في الأنبار محط أنظار الفصائل المسلحة، كونها إحدى أبرز نقاط التمركز الأمريكي في المنطقة.
تحرك دبلوماسي عراقي وسط القلق من الانفجار
في محاولة لاحتواء التوتر، كشفت مصادر أمنية عراقية رفيعة أن الحكومة العراقية وجهت طلباً رسمياً إلى إيران تدعوها فيه إلى عدم استهداف القواعد أو المصالح الأمريكية داخل العراق، في خطوة تهدف إلى تجنيب البلاد الانزلاق إلى ساحة صراع إقليمي واسع يصعب احتواؤه.
لكن على الرغم من هذا المسعى الدبلوماسي، تظل المؤشرات الأمنية مقلقة، إذ تُشير تقارير إلى أن التهديدات تبقى مرتفعة، خاصة إذا استُخدمت أو الأراضي العراقية لتنفيذ هجمات ضد أهداف إيرانية.
فصائل مسلحة تهدد: سنستهدف مصالح أمريكا وقواعدها
وفي تطور لافت، أصدرت فصائل عراقية مسلحة، من بينها كتائب حزب الله، بيانات شديدة اللهجة طالبت فيها الحكومة العراقية بإغلاق السفارة الأمريكية في بغداد وطرد “قوات الاحتلال الأمريكي” من البلاد، على حد وصفها.
وجاء في بيان لكتائب حزب الله:
“على الحكومة العراقية أن تتحمل مسؤولياتها الوطنية وتغلق سفارة الشر الأكبر، وتعمل فورًا على طرد الاحتلال الأميركي، وإلا فإن فصائل المقاومة ستتخذ ما تراه مناسباً في الوقت المناسب”.
هذه التصريحات أعادت التذكير بسيناريوهات سابقة شهدت تصعيداً مباشراً من تلك الفصائل عبر استهداف القواعد الأمريكية، ما يُنذر بإمكانية تجدد الضربات على قاعدة عين الأسد إذا ما تطورت الحرب بين إيران وإسرائيل.
عين الأسد على صفيح ساخن
في ظل هذه التطورات، تبدو قاعدة عين الأسد اليوم أكثر من مجرد منشأة عسكرية. إنها نقطة التقاء ساخنة لحسابات معقدة بين أطراف دولية وإقليمية، وسط تناقض واضح بين مساعي بغداد لحفظ التوازن، وتحركات الفصائل التي لا تخفي ارتباطها بمحور طهران.
مصير القاعدة وحمايتها من الاستهداف سيعتمد على قدرة الحكومة العراقية على ضبط الموقف، ومدى تجاوب إيران مع محاولات التهدئة، في وقت تتحول فيه الأراضي العراقية إلى ما يشبه الحافة بين الاستقرار والانفجار.